فوز حمزة
أنا من جيل كانت القراءة فيه تعد ترفًا .. ليس ماديًا فحسب، بل وفكريًا أيضًا.. تلاقفنا الكتب التي كنا نشتريها أو نتبادلها مع أشباهنا من القراء.. فاستقامت لغتنا وضبطنا إلى حد ما اللغة العربية وطريقة تشكيلها وعملية الترقيم، ولم نكن ندري أن هذه اللغة ستصبح متنفسنا الوحيد، وهي النوافذ التي نطلّ منها على عالم ضيّق علينا كل شيء، و وضعنا في سجون كبيرة أولها أنفسنا ..
حينما ينتقل القارئ من مرحلة القراءة ليدخل في مرحلة الكتابة، فهذا يعني أن لغته أصبحت مؤهلة لذلك! أدخر من الكلمات والمعاني ما يمكنه من صياغة الجمل التي يستطيع المتلقي أن يفهم من خلالها مراد الكاتب والتوغل عميقًا في أفكاره، فالقراءة كما هي الكتابة سباحة مع التيار وفي أغلب الأحيان ضده، لكن
هل يكفي أن تكون الأفكار قد صيغت بطريقة فنية وجميلة داخل رأس الكاتب وحينما تلد فوق السطور تكون من دون قلب؟!
المقصود بالقلب هنا هو شكل النص الخارجي حينما يستقر على الورق، فتنبض السطور بالحياة بعد سريان حبر الكتابة فوقها!.
أقرأ الكثير من النصوص يوميًا، أجد أن كتاباتهم قبيحة الشكل برغم جمال الداخل ورقي الفكرة التي تنادي بها موضوعاتهم. فالكلمات تناطح بعضها البعض حينما لا يوضع ضابط بينهم، فيختلط المعنى مما يؤدي إلى ضياع الفكرة وتشتتها.
الجمل تتداخل فيما بينها حينما ينسى الكاتب أن هناك شيء اسمه الفارزة أو الشارحة، البعض منهم ، لا يدرك أن موضع الهمزة في الكلمة، يقلب الموازين ويغير في المعنى ،علامة الاستفهام والتعجب، لا تخطر للبعض منهم، أما النقطة التي تنتهي عندها السطور، فتلك حكاية حزينة لم يسمع بها البعض!.
الترقيم في النصوص هي فرصة يمنحها الكاتب للقارئ من أجل أن يلتقط أنفاسه لمعاودة القراءة ثانية.
شكل النص – في رأيي – لا يقل أهمية عن مضمونه، فكيف لشكل خارجي أن ينال الإعجاب من دون روح تعزز الجمال الذي فيه وتظهره؟!.