فوز حمزة
رنت أجراس الصباح معلنة قدوم يوم جديد، ثمة عصافير حائرة تقف خلف نافذتي، بينما الشمس افترشت العشب الندي تراقصها الفراشات فَرحة بمقدم الربيع بعد طول غياب. عزمت الخروج برفقة يومي. آه !! كم كان جميلًا مشرقًا يملؤه التفاؤل والمرح؟! سعدت به وبرفقته. كنا كتوأمين انبثقا من عالم آخر.. سرنا ساعة من الزمن. كنا خلالها سعيدين. دخلنا غابة كبيرة، تفجر الانبهار مني مصحوبًا بالفرح! صوت خرير الماء في الجدول، كأغنية عاشق! ثمة شجرة عجوز مدت أغصانها فوقنا كأنها قديس يمسح على رؤوس المصلين، جذعها محفور عليه جميع أسماء العشاق الذين مروا من هنا. يالها من طقوس حياة رائعة! بينما كنت أستمع لتغريد الشحارير وأستنشق عبير الخزامى، رأيت أحلامي متجسدة أمامي، ترتدي ثوبًا بلون اللوز، تمتلأ يديها بحفنات من الكرز، تنتعل صندل مرصع بالجواهر. يا إلهي، ما أجملها! انشغلت بها عن يومي. نادتني فتبعتها. ذهبت بيّ إلى عالم من الخيال لم أعرفه من قبل. عبرنا ثماني سماوات، استمعنا لموسيقى الحياة. همست لي: اغلقي عينيكِ لتري العالم الحقيقي. ما أرقها، توسدتُ ذراعها! أخذتني غفوة، كانت أحلامي تطوف معي، ترسم لي دروبًا وردية، تحيطها الرياحين والأزهار، دروبًا لم يمشِ فيها أحد غيري! استفقت من نومي لأجد أن أحلامي قد تلاشت! لم أجد سوى ذكرياتي وقد أحاطتني بذراعيها السوداويين، لم تترك لي منفذًا، أتتْ بكل أحزاني وآلامي، ملأتْ عينيّ بالدمع وقلبي بالوجع وروحي بالألم. هربت منها، لاحقتني في كل مكان. اختبأت منها خلف صخرة كبيرة. حل الظلام كثيفًا، حينها تذكرت يومي. بحثت عنه لعلي أجده، لكنه مضى تحت عباءة الليل القاسي. الحصى في حذائي يخدش هدوء أفكاري. عدت وحيدة، بعد ضياع يومي.