فوز حمزة
بصوت حنون همس لها: انظري إليهم جيدًا يا حبيبتي، ألا ترينَ كم هم حائرون، قلقون؟! يبدأون يومهم بالدعاء، سائلين الله أن يرزقهم قوتهم وقوت أولادهم، أما أنا وأنتِ، فقد وجدنا من يتكفل بذلك دون عناء! رفعتْ رأسها والحزن ما يزال غافيًا في نظرات عينيها. استأنف حديثه: – عزيزتي، نحن هنا محميون من حر الصيفِ وقسوة الشتاء، محميون من يد الغدر، فصاحبنا متكفل بكل شيء، أليس كذلك؟! اقتربتْ منه. ألقتْ برأسها على كتفه. أغمضت عينيها لبرهة ثم قالت: – حبيبي، ماذا سنفعل عندما يرزقنا الله بأولاد، عندما يكبرون، سيلقون باللوم علينا ويتهموننا بأننا السبب لوجودهم في هذا المكان! – لا تقلقي عزيزتي، بالحب سيتفهمون الوضع! – آمل ذلك عزيزي، أشكر الله أننا سوية في هذه المحنة! – نعم حبيبتي، شاءت الأقدار أن نتقاسم الألم وذلك من لطف الله بنا. حانت منها التفاتة صوب سيدة المنزل فهمست بصوت يكاد لا يسمع: – أتدري عزيزي؟ أنها سيدة حنون! سكتتْ برهة وكأنها تذكرتْ شيئًا: – هل تعتقد إن صاحبنا سيوافق على بقاء أطفالنا معنا أم سيختار لهم مكانًا آخر بعيدًا عنا؟! صعق للسؤال .. لم يفكر في هذا الأمر من قبل. تظاهر بالشجاعة والثبات قبل أن يجيبها : – أكيد، أكيد! فصاحبنا طيب القلب، لن يحرمنا من أطفالنا، ألا ترين كم هو ودود وطيب مع أولاده؟! فقط أتركي عنكِ هذه الوساوس وكل شيء سيكون بخير، استمتعي بوقتكِ .. بدفء الشمس، وجمال النهار! أثناء ذلك، التقط حبة ودسها في فمها بكل الحب. تناولتها وعيناها تحمل له عشق الأرض لتقول له: – أواه عزيزي! ألوان ريشك تبدو رائعة تحت وهج الشمس، كأني أراها للمرة الأولى! اقترب منها أكثر، فرش جناحيه وأحاطها بهما.غابا في إغفاءة قصيرة. لم يشعرا إلا والعالم يهتز بهما. فقد حملت سيدة المنزل قفصهما الأصفر ووضعته في مكان آخر. وضعت أناملها الرقيقة على قضبان القفص، ابتسمت لهما قائلة: – صباح الخير عزيزيّ الجميلان! ومن خلف قضبان القفص الذهبية. غادرت أحلامهما نحو حلم الحرية ••