إضاءات – منى سعيد – ألف ياء
نيكوس كازانزاكي كاتب رواية ” زوربا” الشهيرة التي تحكي قصة شاب يصاحب رجلا كبيرا محبا للحياة يعلمه تفصيلات جميلة لم ينتبه لها يوما، والتي تحولت إلى فيلم بالاسم نفسه تألق فيه الممثل الكبير أنتوني كوين بأداء رقصته الرائعة التي صارت نمطا مشهورا للرقص يؤدى في أنحاء العالم، كازانزاكي كان يطلب من ربه أن يمد بعمره 10 سنوات إضافية ليكمل أعماله وليتفرغ لنفسه، وتمنى لو كان في إمكانه أن يتسوَّل من كل عابر سبيل ربع ساعة بما يكفي لإنهاء عمله، وبقي على تلك الأمنيات حتى توفى عن عمر لم يزد عن ال74 عاما.
وفي وقفة مع النفس لابد لنا من التساؤل، تُرى كم عملنا على ردم أوقاتنا بأمور غير مجدية ، وكم نتمنى اليوم أن تمتد أعمارنا لنكمل ما عزمنا عليه من إكمال مشروعات أو تحقيق أمنيات؟!
لكل منا أسرار ربما تقبع في سراديب دواخلنا ، نخشى البوح بها مكتفين بالتمني بأن نعيد توقيت ساعاتنا الداخلية كي نضبطها على صباحات أجمل بشموس مشرقة تزيح خفافيش كوابيس أيام صعبة مررنا بها..تُرى هل تكفي الأمنيات؟ أم أن أوقاتنا قد تسربت سهوا وفي غفلة من الزمان كالرمال من بين أيدينا؟
هناك من يبالغ في جلد نفسه ويحسب أن عمره ذهب هباء أو هواء في شبك متناسيا أي عمل أو ممارسة جيدة فعلها، لا يفكر قطعا بالمثل الصيني القائل” لا تلتقط بندقية لتقتل فراشة!”
وقد نتوهم أحيانا بتصديق أكاذيب تجعلنا نسبح مع الأسماك الميتة دون أن ندري، متجاهلين أن لبعض الكلمات مهما كانت بسيطة قوة هائلة قادرة على رفع البشر، وكلمات أخرى تلحق بنا خسائر لا تعوض مهما بلغنا من التوازن، بل تزجنا في أسر الانكسار فلا نبصر غير الرماد ، من هنا لابد من مصاحبة صديق محب يمدنا بعافية طاقة ايجابية، جاعلا من ابتسامته كلمة طيبة من غير حروف، وحين يمتلك رغيفين وحسب على سبيل المثال، فلابد من أن يأكل واحدا منها ويشتري بالآخر وردا وزهورا.
ويفسر العلماء أن في مرحلة ما وخصوصا عند التقدم بالسن يُخيل للمرء أن الأسابيع والسنوات تمر عابرة في لمح البصر. وإذا كنت تشعر أن الحياة تمر سريعا، فهذا يدل على أن حياتك مليئة بالأحداث. و ستشعر أن الوقت يمر ببطء إذا كنت تشعر بالملل أو الضيق أو الوحدة أو بأنك منبوذ. وأن الأوقات كلما كانت ممتعة، بدت كأنها تمر سريعا.
طبعا نخشى الفشل ونتعب حين نتجاهل أخطائنا وسكوننا أو ركودنا فمن أكثر الأمور التي تجعل الإنسان تعبا ، منهكا، وقوفه في مكانه، الركود هنا يعني التعفن الاضمحلال والتلاشي. وبعيدا عن السوداوية لابد من تذكر حقيقة “أن الإنسان يصبح عجوزا حين تحل الأعذار محل الأمل”.