ما جرى على كركوك

شارك مع أصدقائك

Loading

يعرف التركمان في كركوك مصطلح (تصحيح القومية) والذي أنتشر بعد تعداد سنة 1977 وأصبح قانوناً في بداية الثمانينيات (قانون فقط قابل للتطبيق في كركوك) وجرى قياس تأثيره في تعداد السكان الذي جرى بعد ذلك.
هذا القانون (والأصح قرار عنصري من مجلس قيادة الثورة حينذاك) أجبر تركمان كركوك-بعد منعهم من تسمية مواليدهم بأسماء تركمانية ومنعهم من التعيين في حال كتابة قوميتهم (تركمانية) في أستمارة التعيين، ومنعهم من زراعة أراضيهم الزراعية وكذلك شراء العقارات في كركوك بل وحتى توزيع الميراث (في حال الميراث هو بيت) بين الورثة- أجبرهم على تغيير قوميتهم إلى القومية العربية بحسب (مكرمة تصحيح القومية) وبسعر ثلاثة دنانير ونصف للفرد الواحد، فيتحول من القومية التركمانية إلى العربية مع وضع إشارة أنه عربي درجة ثانية وليست له إمتيازات التعيين مثل العرب درجة ممتازة (تكريت والموصل والرمادي) وعرب الدرجة الأولى (عرب باقي المناطق).
تحول الكثير من التركمان تحت ضغط الحاجة إلى التعيين وشراء العقارات وضغط التجارة وصاروا عرباً، مثلاً صارت العشيرة التركمانية (بي آتلي: ومعناها الفارس ) والتي تنتشر في أطراف كركوك إلى عشيرة (البيات: بيات الخيل) العربية مستفيدين من تشابه اللفظ رغم أنهم تركمان، وكذلك عوائل تركمانية لا أريد ذكرها لخصوصيتها، وبقيت بضع عوائل فقط تتحدى الضغط ومنها عائلتنا عائلة (المفتي) التركمانية في كركوك.
شخصياً أعرف عائلة تركمانية عريقة معروفة جداً تحولت إلى (السادة النعيمية) بسبب رغبة أبنهم بدراسة الطب العسكري، تلك الدراسة كانت محددة للعرب،وصار أبنهم طبيباً في الجيش العراقي يحمل أسم عشيرة النعيم لغاية 2003، ثم حمل أسم عائلته التركمانية العريقة بعد 2003.
وفي خط موازٍ، جرى بعد تعداد 1977 أستقدام عوائل عربية فقيرة من الجنوب العراقي وأغرائهم بمبلغ عشرة آلاف دينار عراقي (حين كان الدينار يعادل ثلاثة دولارات) وقطعة أرض والبيت الذي يختارونه لحين بناء قطعة الأرض الممنوحة لهم، وكانوا فقط يضعون علامة X على البيت الذي يريدونه لكي يستلم ساكنوه إشعاراً باخلاء البيت كما حصل لبيوت منطقة تسعين التركمانية، وللتوازن الطائفي جرى أستقدام بعض العوائل العربية كذلك من سامراء وتكريت والموصل إلى كركوك بالأمتيازات والأغراءات نفسها، هؤلاء يعرفهم أهل كركوك بتسمية (جماعة عشرة آلاف)، وسكنوا بعد بناء الأراضي الممنوحة لهم في مناطق خاصة في كركوك وكانت شبه مغلقة فقط لهم.
ويعرف أهل كركوك قرارات وقوانين عنصرية بشعة كثيرة كان السبب في التغيير النسب السكانية بحسب القوميات في كركوك، مثل قرار في منتصف التسعينيات (أيام الحصار) بعد أن طالب حينها جلال طالباني (حين كان يقود معارضة مسلحة) بأن تقوم الحكومة في بغداد بزيارة مقابر كركوك وحساب عدد مقابر الكرد والتركمان والعرب لمعرفة النسبة مَن هم أهل كركوك، فكان رد الحكومة منح مكافأة ثلاثة أرباع مليون دينار عراقي لكل عائلة عربية من خارج كركوك تدفن موتاها في مقابر كركوك ! بالتأكيد لم يسمع بهذا الشيء مَن هم ليسوا من أهل كركوك.
وتحول الكثير من التركمان والعرب في كركوك بعد قرار (مجلس قيادة الثورة) بأعفاء الكرد من الخدمة العسكرية ( منتصف الثمانينيات) وألحاقهم بشيوخ عشائر كردية مسلحة بدلاً من الذهاب إلى جبهات القتال في الحرب العراقية الأيرانية، وكانت تسميهم حكومة بغداد ب ( الفرسان) بينما تسميتهم الشعبية في كركوك والمناطق الكردية هي (جحوش)، ويقوم كل واحد بدفع مبلغ لشيخ العشيرة الكردي مقابل قبوله معه ويبقى بين أهله بينما وليس في خطوط النار في الحرب، بذلك ازدادت ثروات بعض شيوخ الكرد (شيوخ بقرار حكومي وليس شيوخ أصلاء) زيادات فلكية في تلك الفترة وظلوا شيوخاً حتى بعد 2003، فالأمتيازات تُمنح ولا تُنتزع
لذلك فأن أي نسبة لسكان كركوك وتوزيع القوميات بعد تعداد سنة 1977 هي نسب غير واقعية بل فيها تزوير سكاني وأثني بسبب (تصحيح القومية) وبسبب التغيير الديموغرافي لكركوك باستقدام عوائل عربية من خارج كركوك إلى كركوك، فلا تصدقوا بما تصلكم في رسائل واتساب أو صفحات (جيوش ألكترونية) عن النسب السكانية القومية في كركوك والتي تظهر زيادة كبيرة لقومية معية بينما التركمانية قليلة جداً بالمقارنة مع الكردية والعربية، فهي نسب غير حقيقية إنما فرضتها ظروف عنصرية قبل 2003، تلك الظروف بحاجة إلى إعلام نزيه لكشف ما جرى ونشر الظلم الذي تعرض له التركمان في مدينتهم كركوك.
……………
شارك مع أصدقائك