متتالية قصصية
فتحي إسماعيل كاتب مصري
ثقب
بينما كنت أمعن النظر إلى العالم من الثقب، أربكني ضحك مكتوم ينبعث من الباب المفتوح.
مرآة
نزعتُ فستاني الأبيض، وقفتُ أمامها عاريةً – ولكن ليس كما ولدتني أمي، فقد أثمرت شجرة البراءة عنفوانًا- أخجل المرآة التي احمرّ وجهُها.
أحاول أن أروّض عينيها كي تعتاد جسدي، وتترك لي صدرها أسكبني عليه.
ولا زلت أنتظر .
لوحة.
علّمه شيخه أن يقص أظافره، وأن يحفظ لسانه، وأن يستقيم.
حفظ عهده مع الشيخ.
وتركني أقف أمامه، لوحة بيضاء …
لا يحوطها إطار.
عابرة ليل.
في الليلة الأولى، كانت تخجل من عمود إنارة، يتوسط الرصيف الذي تقف عليه.
ترهبها الشجرة التي تختبئ خلفها كلما مرّ عابران.
ترتعب من الشارع الهادئ الذي اختارته لتقف فيه، في انتظار زبون.
في الليلة الثانية، كانت تغمض عينيها كلّما حدّق فيها سائق سيارة مارة بالصدفة.
في الليلة الثالثة، كانت لا تزال تعاني الاختناق، وتتعرقل خطواتها بالكعب العالي والفستان القصير.
في الليلة الرابعة، ألِفت العمود.
وفي الليلة الخامسة ائتمنت الشجرة،
وفي السادسة اعتادت هيئتها وحذاءها.
وفي السابعة صادقت الرصيف والشارع والقطط والكلاب الضالة.
وفي الثامنة تجرأت على العيون المتطفلة..
وفي التاسعة استطاعت ردّ الكلمات بجرأة.
وفي العاشرة أخلصت لدثار الليل، وحفظت مواقع النجوم.
لكنها، ومع مرور الليالي، ما زالت ترتعب من القلوب.