الإنسان، واستقامته في الحياة
منشد الاسدي – بغداد
يكاد يجمع الفلاسفة على أن الإنسان السعيد الناجح في هذه الحياة هو ذلك الذي تلتقي حركته وطريقته مع هدفه، أما إذا سارت الحركة والطريق بجانب وكان الهدف في جانب أخر فالنتيجة الحتمية تكون الضياع. فالذي يريد أن يصبح ضابطا يدخل الكلية العسكرية ولايذهب إلى كلية الزراعة. والذي يسافر للدراسة وتحصيل العلم في الخارج يتبع طريق الجد والاجتهاد والعمل والاستقامة ولايميل إلى اللهو وإضاعة الوقت، والا فإنه سيرجع بعد سنين دون أي تحصيل ودون شهادة .
ومن أراد أن يكون أسرة صالحة تكون له سكنا وعطاء وراحة عليه أن يختار الزوجة الصالحة كما عليه أن يكون رب أسرة صالحا، مسؤولا عن أهله وأبنائه رؤوفا رحيما بهم ساهرا على أحوالهم وتربيتهم مقدما لهم القدوة الصالحة في سلوكه ومعاملته. فقد قيل في الأثر( إن الابتسامة في العائلة تبعد الشر ) .أما إذا سار رب الأسرة في الطريق المنحرف عن الهدف، فكان قاسيا ظالما مهملا غير مهتم بزوجته وأولاده، عندها تكون النتيجة دمارا على الأسرة، ويجد هذا الرجل نفسه يعيش في جحيم بدلا من هدفه الذي أراد الوصول إليه وهو الراحة والسكينة.
إذن لابد للحركة والسلوك والطريق أن تكون موافقة للهدف.
كل شيء في هذا الكون يجري إلى هدف محدد. فالنجوم والكواكب والمجرات في حركة دقيقة نحو غاية حددها من اوجدها وخلقها، وجميع الكائنات الحية تراها تتحرك بنظام ثابت، حتى الخلايا في جسم الإنسان تراها تعمل بتوجيه محدد ولغاية محددة، كل هذه المعطيات لها علاقة وأرتباط وثيق مع ماتحدثنا عنه وهو ( الاستقامة ) فهي تعني الإستمرار على الطريق الصحيح دون انحراف أو عوج أو إفراط أو تفريط .والاستقامة تعني أنك تسير في طريق الحق ، فلا تستوحش من هذا الطريق إذا قل سالكوه، فإن الناس قد أجتمعوا على مائدة جوعها طويل وشبعها قصير .
إذن الاستقامة هي بمثابة تحديد الهدف الصحيح وسلوك الطريق الصحيح إليه، وهي تتطلب أيضا الصبر على مشاق الطريق ومواجهة الأعداء، لأن حتى هذا الطريق لايخلو من أشواك أو أعداء أو معرقلات لاسيما اذا ماعرفنا بأن الشيطان عمله الأساس هو حرف الإنسان عن الطريق المستقيم .
إن هذه المعاني العميقة التي تتضمنها الاستقامة في الحياة وتحديد الهدف وصولا للسعادة ، هي مسؤولية عظمى لايقوى على حملها إلا الأقوياء ، والذين يريدون أن يسجلوا في حياتهم نقاط قوة يتفاخرون بها أمام عوائلهم ومجتمعاتهم . نعم إن تحديد الهدف يوصل إلى النتيجة ، فإذا كان الهدف نبيلا ومفيدا وهو دون شك يعد ( مقدمة ) كانت النتائج مرضية مريحة وذات فائدة أعم وأشمل .