تلك هي فضيلةُ الغياب
اسمُكَ مكتوباً
في قائمةِ الحصّادين
لكنَّ السنابلَ
ملفوفةٌ في ورقِ الجرائد
تقرأُ اسمكَ
وتضحكُ ملءَ طحينها
– يموتُ الأبُ
فيصبحُ أغنيةً ساذجةً
يتداولُها الناسُ عن أبنائه
وعن زوجتِه الّتي تنامُ وحيدةً
– تموتُ الأمُّ
فيصبحُ العالمُ يتيماً
يتصدّقُ عليه الأشرارُ بالأحضانِ
فيحزنُ البخورُ
وتهاجرُ الشموعُ إلى عتمةٍ أكثر نفعاً
تنسكبُ القهوةُ
على قميصكَ الذي تحبُّ
فتخلعهُ
وتفكّرُ من الغائبُ فيكما
أنتَ أم قميصُك الذي تحبّ؟
تنكسرُ كأسُكَ البلّوريةُ
فتلتمسُ لانتحارِها عذراً زائفاً
تقول لنَفسكَ:
ربّما لم تجدْ في شفتيَّ ماتحبُّ
وربّما كانتْ لديها رغائبُ
خَجِلتْ أن تطلبَها منّي
كأنْ أحملَها على راحةِ يدي
عندما تكونُ ساخنةً
وأن تبردَ قبلَ أن أشربَ منها
كأنْ أُكرمَها بالمكوثِ في الخزانة
وأشربَ أشيائي الرخيصةَ
في كؤوسٍ أخرى
تراها أقلَّ سموّاً منها
تكتبُ قصيدةً لتنساها
وهو غيابٌ مقصودٌ حسبَ ما أرى
لربّما إثرَ غيابِ امرأةٍ
كنتَ تُسكِنُها في السطرِ الأوَّل
وقد تكونُ برقيّةً
لرجلٍ ماتَ قبل أن يقرأَ القصيدة
أو انتظاراً لبذرةٍ زرعتها
في طين اللغةِ
البذرةُ في باطنِ الأرض
غيابٌ كذلك
وعليكَ أن تنتظرها
كما لو انّكَ تمارسُ التخاطُر مع الحياة
وذلك يعني أنّ من تعرفُهم
بذورٌ أيضاً
وعليكَ أن ترسمَهمْ في حديقةِ عُمركَ
مُعشِبين
يمدّونَ رؤوسَهم الخضراء
ليبصروا صفرةَ أوراقك
وقد يحترفون
ما يرون أنّه أكثر جدوى
من تمايل أغصانهم في حديقتك
وذلك يعني أنّك غائبٌ في دفاترهم
تشبه تماماً كأسَك التي انكسرتْ
والمرأةَ التي نجتْ بأعجوبةٍ
من رعونتِكَ في العبثِ بأوراقها
أنت غائبٌ ياصاح
تشبهُ جميعَ الغائبين
أولئكَ الذين لايفكرون مثلك
بفضائلِ الغياب
ــــــــــــــــــــــــــ
عمّان
