قصة قصيرة… قلعة الأذنين – برهان المفتي

شارك مع أصدقائك

Loading

…………
في دليل سياحي بين يدي أقرأ:
“يقول تاريخنا الذي نحفظه جيداً أن صراخ كبير القلعة كان عالياً، صراخٌ يخرج دخاناً من القلعة فينتشر في السماء غيمة كثيفة غامقة، ثم ينزل مطراً على آذاننا.. كتبنا أمنياتنا على أي شيء مقدس أنْ نصحو وقد أختفى ذلك الصراخ، حتى كان ذلك الصباح المشمس الذي غابت فيه الغيمة،وكان صباحاً لا صوت فيه، حتى نحن لم نخرج أي صوت لكي نستمتع بذلك اليوم، وفي الصباح التالي كنا ساكتين كذلك لا نريد أي ضجة ولا صوت لكي لا نرى تلك الغيمة مرة أخرى”.
وفي الصفحة اللاحقة من الدليل:
“لا يقول من كتب ذلك التاريخ كيف اختفت الصرخة وصاحبها، لكنه يقول :
قررنا التخلص من آذاننا لأنها تذكرنا بتلك الغيمة وبصرخات كبير القلعة، وهكذا صارت حملة كبرى لقطع الآذان، وتطوع البعض من ذوي الخبرة في استخدام السكاكين لكي يقدموا أنفسهم على أنهم مَن يقومون بمحو الماضي المرتبط بصرخة كبير القلعة. وهكذا سلمنا رؤوسنا لهؤلاء ليقطعوا آذاننا، ولم نطلق أي صرخة ألم ونحن نرى الدماء تغطي وجوهنا، لم نصرخ لكي لا نتشبه بمَن نريد نسيانه.
صار قطع الآذان عادة عندنا، مع أي ولادة جديدة يسارع الأب إلى قاطع آذان إن لم يستطع هو نفسه فعل ذلك رغم محاولات بعض الأباء لكن النتائج كانت تشويهاً، لذلك، صار قاطعو الآذان طبقة عليا لدينا، بسكاكينهم ننسى الماضي وهم السبيل لكي لا نتشوه”.
وصلت حافلتنا السياحية إلى القلعة التاريخية، يسبقنا السائق الأصلع بالنزول، يشعل سيكارة فينفث دخانه باتجاه القلعة، ثم يسعل بقوة كأنه يصرخ. أرى في السماء غيمة وحيدة غامقةرتقترب من القلعة، بينما عند باب القلعة رجل يبيع تذكارات أقنعة بشرية بأذان ضخمة وطويلة جداً، يشير إلى بلغة الإشارة أن أشتري منه، ويرفع غطاء رأسه فأراه دون أذنين.
……………

 

شارك مع أصدقائك