قصة ( زنجار أبيض )

شارك مع أصدقائك

Loading

 شوقي كريم حسن

العراق

١
*سمعته قبل لحظات من قراره ،الذي اثار الكثير من الجدل والاحتجاج،يقول-الحرب خطوة عقل بلهاء لهذا لايجب ان ننصت الى لعلعة الرصاص والهتافات التي تدفع بحيواتنا الى مجهول لا نعرف عنه شيئا..!!
وبعد ان صفن،وسعل لمرات عدة ،واشعل سيجارة لف،كان يصنعها من ورق الاس والسفرجل،قال—لا مكان لي انتهت ازمنة الهناءابحثوا لكم عن طريق يأوي خطوكم!!
تراجعت الوجوة التي ازدادت اسمرارا ،وريبة ،محاولة البحث عن معاني ارتباكه الذي اثار الفرع والانهزام،مالذي يمكن فعله؟
كانت الالسن تكرر سؤالها الذي ما كان يستقر عند اجابة حتى نراه يفر هاربا،ثمة الكثير من الخطوات تقترب الان،وما من لحظة يمكن الامساك بها لتدل على الدرب الذي يجب ان يسلكه الجميع،لف بقايا ذكورته مصحوبا بطفلين معجونين بفحم الغابات الذي اعتادا العبث به،ورسم اشكالا طوطمية توهم الناظرين انها تتحرك باتجاهات عدة،محاولة زحزحة اليقين الذي كانت ليالي الغابات تردده بما يشبه النواح، تأمل الولدين راسما دوائر ومربعات،وعيون عمي لاترى سوى ظلمة الطريق ووحشته، وحده الصبي الذي داف جمجمته منذ كان بحجم ثمرة جوز،بالكثير من المخاوف التي تسربلت حكاياته،يجلسه لصق فؤاده ليحشوا الاعماق بما لايمكن تصديقه،يقول—نحن السود خلقنا لنملأ الكون بمسألتين مهمتين..إن فارقت عقولنا فارقنا هذه الأرض غير العادلة!!
ينظره الولد مبتسما،فلقد سمع جده ذات مره يقول—الزنوجةبدعة لسرقة حيواتنا اللون فارق كاذب.. البياض عزلة الالوان وحياديتها!!
وسمعه مره يهمس لجدته،بصوت يشبه مواء قطة —هم لايعرفون ماتعني ثمرة الكاكاو !!
ولانه عارف الى ماذا توصل ذيول الطرقات، يشير باصبحه المهتز مثل وتر،ليقول.
-الامكنة ارواح خاوية بالنسبة لنا نحن الااصفين عند وحشة الليل..آهاتنا واصوات طبولنا واهتزاز ارداف النسوة المدججات بالاهتزاز هن الق الكون الذي دمره البياض بعفونته!!
حفظ الولد كل هذا، وحين يصاب بلوثة حزن ،يندغم وصراخ وحدته التي لايعرف لها خلاصا،حين تعلم الكتابة،صاريدون كل مايسمعه،ويظل يردده على ظهر قلب،حتى تنزرف حنجرته بعويل لايدري كيف استحوذ عليه،الحرب عند اول الابواب التي تؤدي الى الغابة،ولايقدران يرفض لوالده طلبا،طوى بقايا امتعته واتبع الخطوات التي كانت تغذ السير الى حيث الخلاص، المجهول،هل تدله الحكايات على درب يأخذه الى ضوء الرؤيا،وعنفوان الجذب الذي يحسه يداعب شغاف القلب،خطوه المرتبك،اقام يقين الوصول،لكن كيف…كيف؟
هذا ما كان يصرخ به،كلما وجد نيران العبث تلتهم لمم الاشجار وقوامها الاخذ بالتلاشي.
٢
البحث عن خلاص،يبدو مستحيلا،بين تيه وسط غابات تلاحقها النيران،وفوهات بنادق،تعلن ابتهاجها ،حين تطلق رصاصها دون رحمة صوب الصدور المتصاعدة الوجيف،تتسارع الخطوات،مع نعيق لاصوات لا نعرف الفتها، قبل اجتيازهم الدرب الاول المؤدي الى البحر،كلما خدرت الاقدام،تعالى الصوت الحاث على الاستمرار—لا حل. امامنا اسرعوا..لا تسلموا ارواحكم لموت ارعن..وجودنا جمال الكون وهم عتمة المحو،،
دون رغبة بالاسراع، وبرفقة حنين الى فراش يهدهد الروح،تنجر الخطى،ملغومة بمئات من الاسئلة العمياء. يقول الجد قبل مجيء البنادق—السؤال الاعمى حيرة نفس لاتدري من اين اتت والى اين تمضي!!
لكنه ما وجد ثمة سؤال اعمى ابدا،الاسئلة تنظره بعيون تشبه جمر المواقد،ترمي إليه بوابل مدرار من الاحزان،لحظة احساسة بالفزع،يلتصق جذعه الانحف من عود سيسبان ،بجسد الاب الذي شعر لحظتئذ ،ان الولد تاه كثيرا في دروب حطمت الرغبة بعدم السماح له بالوصول اليها، في قريتنا،التي ظلت منسية تحت حماية الغابات الكثيفه، ليالينا لاتتشابه،وما نعرف او نقبل الركود،نطلق لاكفنا رغباتها في مداعبة اجساد الدفوف البيض،والتي ما تلبث ان تهدر بأنين موحش يخترق قلب الظلمة من اجل الوصول الى غاياته ومقاصده،تنفلت الحنجرة الاولى عن عقالها صائحة(هي يالليل ياليل…يانسمة الروح و احلام الوقت والرجه)!!
ترد الحناجر ماسكة شعفة الليل الذي احس بالخذلان فاعلن استسلامه.،تفور لوعة الحناجر الاخرى،فتردد( انه ابن الليل ..وعنوان وجوده.. انه ضوء الفرح وسنين المحبة و رجه)!!
تتصاعد الارواح مجتازة كل عقبات ايامها البيض التي لاتمنح وجودهم سوى الكد والكدر والركود،الليل وحده يمنحنا فرصة لتهشيم لواعج الارواح،الليل صناعة زنجي ، ودف،وحنجرة بطراوة الطين،تغمض السماوات مباصرها،لانها بغتة تشتعل بقهر النداءات التي تتكرر ،كلما تعالت مواجع الدفوف، لتشق ثياب الحنان،يسألني الاب ،بعد ان يتنفس صعداء جنونه—كن قويا واحسب لكل خطوة حسابها،،،حيث نصل تكون غريبا..ولااحد ينصت لاهات غريب!!
لاادري كيف توصل الى هذه النتيجة المذهلة،وهو الذي ماغادر قريتنا المسكونة ،بهمس الغابات،وحيواتها،حين ادركته شيخوخة الخوف،ظل يرقب الطرقات،ليمسك باذيال الراجعين عنوة،محملين بالكثير من اسرار المجهول،
-الى اين تأخذنا الأيام؟
تصفن الشفاه،وعند لحظة كشف يموت بريقها المزجج بالاحمرار، نحن زنوج الزنجار لا نجيد غير مرغلة الاحلام عند تراب حناجرنا،كل ليلة ومنذ جيء باكذوبة حام،نرفس الارض احتجاجا،محاولين تعرية الاكاذيب التي جعلت منا مخلوقات زائدة،خلقها الرب لتكون،ابنة السياط والامتهان، تدور شيخوخته،حول الوجوه التي ايبسها الضيم،لكنها ترمي به الى آتون نيران تتعالى..تتعالى لكي تدفنه وحيدا عند اطراف الانهيار!!
٣
فكرت ان اعود،حين رأيت البحر،يلوح لنا،قرأت اضطراب الموج وصخبه، قال لي
—أياك والتراجع؟
قلت له—ماعشقت المجهول يوما!!
قال لي—مالانسان سوى مجهول لم يعد للغابات امل؟
قلت له—أخاف حك زنوجيتي حيث ذاهب!!
قال لي—هذا ما يجب ان تعرفه..سيظل عمرك مربوط بزنوجيتك؟
قلت له— ولم هذا…ما معنى كراهية الحرية لزنوجيتنا!!
قال لي—لكل لعبة قواعدها ونحن طرف اللعبة الاهم!!
لا اعرف كيف ،يمنح الرضا والقبول،لروحة التي عاشت كل ازمنة المهازل،عند باب كوخ الجد،شاف جده المربوط بحبال، يتوسل ان لايترك الصبي وحيدا،لكن الاكف اخذته الى ما لايدري اين،ظل لسنوات يرقب الدروب؟ينصت الى نداءات الباحثين عن الرجاء، فشلت خطاه في اجتياز لوعته،شيد له كوخا وظل يرقب الاكف التي تمنحه حبالا غليظة ،لتجره الى عبث الااين!! تمسك بليل الغابة المليء بالهمسات،والتوسل،والجنون،صارت روحه ارجوحة التوسلات(أيها الليل مر علينا لنمحو سواد وجوهنا..امتحنا بياض المسرات..أيها الليل لاتنسى رفقة اجدادنا الازلية لمساعيك..أيها الليل خلصت حنجرة انتظاري من البكاء)
تهتز ملامح الاخضرار الذي اتخذته موجات البحر اردية. ومسوح، وتأخذني الى حيث القبول الذي لابد منه،يأمرك القبطان ،أن تلاحق لهب النيران وتملأ جوفها بالفحم،المانح لوجهك سوادا يفيض باللوعة،الهدير يتقدم،وكلما يتقدم تنصت الى عويل البحارة وانينهم الذي لايعرف الصمت،فترفع عقيرتك بنباح شرس يتوغل مثل خنجر بين ثناياك الانحف من غصن سيسبان(هي..هي يالليل المواجع كفا….)
٤
تلك مراسي الامكنة التي صنعت منك ،كائنا يمطر احلاما، لكنها خانتك،صنعت من وجودك عبدا،انستك زنوجيتك، لتلبسك ثياب العبيد الدين ينصتون بصمت الى همهمات شفاه،تردد بمناسبة وبغيرها..لاتربط العبد الا والعصا معه،تلوح بكلتا يديك علمهما تساعدناك على الطيران ولو لبرهة وقت،لكن الفشل،يرنو بك الى حيث تقف القوة منادية—سليطين احني ظهرك لاتخذ منه جسرا كي لا يتوسخ حذائي!!
تنحني،،، تنحني علك تتمكن من تقبيل الارض ،لكن السوط يلسع ظهرك ، وثمة قهقهات تلاحق خرير مدامعك—ولك اسليطين الوصيفة ربربت وتحتاج فحلا ابعثها الليلة لنعرف من اي الاناث هي!!
تموت زنوجيتي عند هذه اللحظة،لكن الارض تعاند،رافضة استقبالي(هي ،.هي يالليل وخر سوادك عننا،..)
تسقط الاقنعه،تسقط مسافات الاحزان،لكنه يظل ملاحقا انفاسي..ما كان عليك ان تستسلم لانك تعرف ان لزنوجيتك معنى في هذا الكون!!
اغمض روحي بقوة ،لكي لاتتسرب احلامي الى حيث كانت القوة،تنتظر وقوفي ثانية،والانحناء عند طرف الساقية القصي،!!
تجذبني القيعان الى هياماتها،الاكلة لخطو غربتي،البحر الذي ينظر ناحيتي بشزر مثير للخوف،اصابني بهذيان،حاولت الامساك بتلابيب استذكاراته القصية،كان الولد الذي كنته ذات غابة،يعتلي شجرة التوث التي اتخذها مسكنا،يبصر الاب الائب مثل ذئب جريح،منصتا الى اصوات المتوسلين،يلاعب مدامعه بطرف ابهامه ،مثل من يتحسس شيئا غريبا يتساقط من بين ثناياه،ارمق الليل يجري مسرعا بإتجاه البحر،ارمقه يجر وراءه،الخدلان والريبة ،وعثرات الخطو،
٥
لا توقض الامنيات/لا تمنح الوقت جياد الوجع/ لا ترسم الاماسي دون حكاء ماهر/وطبال مجنون/وامرأة قدت من نغمة الالهة وشذاها/
لا ترسم مساحات من فراغ/
الوقت خديعة
الطبول جواب
الراقصة خدعة الاشتهاء
(عند فجر الهروب..تبدأ لعبة الوداعات،تعلن الافواه رغبتها بالقبل،وتسيح الاجساد باحثة عن همس اللهاث، يقول الحكاء،معلنا زوال عبوديتي،كان عليك الامساك بالقول المأهول بالرفض،المدن حصار الذل،وسفالة الاجوبة،
كان عليك النبش طويلا ،من اجل سواد الوجود، يقول الحكاءغاضبا.
( ماتفهه قول، ان العبيد لانجاس مناكيد)
المشهد يتكرر،ينمو مثل غابات الشوك،يصنع مفاتن البقاء،لكن للسياط اجابات فاسدة.
—سليطين يابن كل الليل انثاك تخر عند خزي الرجولة فما انت فاعل؟
—سليطين يابن وهم الملاحم..انثاك مرغلت نهاراتها بنزوة الاشتهاء!!
—اوقف نزف الاجابة،،اوقف هروباتك الى البعيد وضع لسوادك الدهري معنى!!
-سلطان معناك عند غابات الذات اجابة لا تلوحها النجاسات،فارجع علك تجد بقايا ما تركت،تمسك بالقبول،واحمل خطاك الى الرجوع،لابحر يوصلك الى القرار،!!
المشهد مشحون بالرؤيا،
المشهد محض خرافات،
المشهد اسطوانة وقت،
(هي..هي.. ياليل لاتنجلي وبالك تحط صاحبك)
شارك مع أصدقائك