نورسين محمد أحمد
رَفَضَتْ أحْزَانِيٌّ أَنَّ تَتْرُكُنِي وَتَرْحَلُ؛ فَشَعَرَتْ
بِالْخَوفِ فارتحلتُ عَنْكِ وَلَنْ أَعُودٌ
أحاسيس تُهَاجِمُنِي كَالْوُحُوشِ تُطَبِّقُ عَلَى صَدْرِيٍّ،
أَرَاهُمْ يُمَزِّقُونَ أحاسيسي وَمَشَاعِرَي
لَا أَسْتَطِيعُ التَنَفُّسٌ، أَشَعَرَ بِالْاِخْتِنَاقِ، تَغَيَّرَتْ مَلَاَمِحُ وَجِهِيٌّ وَتَقَاسيمُهُ وَكَأَنَّ الرَّوْحَ
اِسْتَسْلَمَتْ لِتَتْرُكُ جَسَدِيٌّ وَتَرْحَلُ عَنْهُ، هَجَرَتْنِي ضَحْكَتُي
وَاِكْتَسَتْ سَعَادَتُي بِلَوْنِ الْأحْزَانِ وَأَصْبَحَ صُرَّاخِيّ هُوَ سَيِّدُ الْمَوْقِفِ.
حِينَهَا شَعَرَتْ أَنَّ قَلْبَي قَدْ تَوَقَّفَتْ نَبْضَاتُهُ وَاسْتَسْلِمُ لِلْوَدَاعِ الْأَخِيرِ.
قَاوَمَتْ وَعَاوَدَتِ اتأمل مَلَاَمِحِيَّ مِنْ جَدِيدٍ فِي ظِلِّيُّ الَّذِي يَعْكِسُهُ ضَوْءُ تِلْكَ النِّيَرَانِ
أَمَامَي.
ذَلِكَ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْفِي عَنِيّ الْحَقِيقَةِ…
أَمْعَنَتِ النَّظَرَ فيه
ولكنني لم ارى إِلَّا مَلَاَمِحَكِ الَّتِي يَكْسُوهَا الْحُزْنُ
وَجَّهَ جَمِيلٌ وَلَكِنَّهُ كَالْقَصْرِ الْمَهْجُورِ مُوحِشٌ مَسَاءَهُ.
لَا أَرَى إِلَّا قَلْبًا يُدْمِي مِنْ جِرَاحَاتِهِ…
أَمَّا أنا فَدَائِمًا لَا يَرِى مِنْ حَوْلِيِّ حِينَ أَعَبَّرَ أَمَامُهُمِ إلا وَجَّهَ مُبْتَسِمٌ وَلَكِنَّ لَوْ أَمْعَنُوا
النَّظَرَ إِلَى دَاخِلِيِّ لِرَثَوَا لِحَالِيٍّ وَتَسَاقَطَتْ دُموعُهُمِ انهارًا وانهارًا.
وَالْآنَ حِينَ يُسِدل اللَّيْلُ سَتَائِرَهُ وَيَكْسُوَا بِظَلَامِهِ عُلِى هَذِهِ الدُّنْيَا.
أَشَعَرَ بِالْوَحْدَةِ وَالْألَمِ يَعْتَصِرُ قَلْبِيٌّ.
أَشَعَرَ بِالضَّيِّقِ وَالْمَلَلِ.
أَهُوِّى كَقَطَرَاتِ النَّدِى الْعَالِقَةِ فِي الْفَضَاءِ.
أَذَوْبٌ، أَحْتَرِقُ، اِخْتَنَقَ…
جَلَسَتْ وَحْدِيٌّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ أَرَافَقَ نَفْسِيٌّ وَأُجَالِسُهَا
تُنَاجِينِي رُوحِيٌّ وَأُنَاجِيهَا، لَيْلَي مُوحِشَ بِدُونِكَ
كِدْتُ أَنَّ أُجْنَ…
وَلِكَنِّيّ تَذَكَّرَتِ الْمَاضِي وَشَعَرَتْ بِحَنِينِيٍّ إِلَيْكِ.
وَلَكِنَّ دُونَ جدوي فَلَقَدَّ اِنْتَهِي الْأَمْرَ وَفَارِقَتَكَ وَفَارَقَتْنِي.
وَهَا أَنَا ذَا أَتَذْكُرُكِ مِنْ جَدِيدِ حِينَ يُنِيرُ الْقَمَرُ وَجَّهَ السَّمَاءُ.
وَاشْتَمُّ رَائِحَةَ نَسِيمِ الْبَحْرِ، أَسَمِعَ أَصْوَاتُ السُّفُنِ الْمُهَاجِرَةِ قَادِمَةٌ نَحوَي؛ فَيَتَمَلَّكُنِي الْخَوْفُ حِينَهَا…
حِينَهَا!!
أَحَنُّ اليكِ وَإلْى أَحْضَانِكَ الدافئة وَغَمْرَاتِكَ الْمَجْنُونَةِ
أَنَاجِيَكِ فَهَلْ تَتَذَكَّرِينِي؟