أسئلة باشطة  بين ” اللاء الملساء” و “النعم”  الصفري لاء الخلود نموذجا ً

شارك مع أصدقائك

Loading

وديع شامخ

الى الصعلوك

حسين علي يونس شاعراً

 المعرفة سلسلة من الكشوفات  في حقول  لا تتعادل  في الحقيقية ، ولا تتطابق في المحو ، ولا تتحق في  الفروض ،  كما الحياة سلسلة من التحديات والمخاضات ،  لا  سقف لها ولا باب للتسول في ماهيتها .

ويبقى الكائن  المعلق في  نشوة  الحياة ، يكتري لنفسه عقلا  أحيانا ، وتارة  يسير مع  حتفه ، قدره  الى نهاية معلومة .

بين محنة العقل في قول ” لاء”  وولاء  العوطف في ميولها الى ” النعم ” .. بين العقل والمقصلة ، بين القوة والإرادة ، وميوعة  الضعف .

اللاء  صنو العقل والقوة  والقرار ،  و”  النعم” هي كهف الخوف ، وقرارة القلق .

…..

لحظة الصفر الإبداعي 

……

يقف  السياب  في لحظة وجودية مع  قدره في نص ” سفر ايوب “، الحمد لك مهما استطال العذاب ، ومهما استبد الألم ” 

لتتوارى هنا لحظة اللاء  والنعم ، في لحظة قدرية  قاسية ، لا قدرة للكائن إلا ان يكون في لحظة صفرية .. بين الخيارات .

ويبقى الألم  بقيادة القدر  للصراخ نيابة عن السياب الشاعر ،  وعلامات التعجب والاستفهام تُكمل هواجس النص الى نهايات مفتوحة،  لحظة عديمة ، ميتافيزيقة يتساوى فيها العدم  والحياة ، وهنا يبقى الخيار بالنعم أو اللاء  محض هراء .

كأنها لحظة ” باشلار ” الميتافيزيقة ،  لحظة العريّ في تجلي الجمال والكتابة  الابداعية ، فليس بوسع المبدع  أن يكون في لحظة خيار ، هو منساق لقدره الجمالي .

……

 متى يكون  للقيم  أن تكون مطلقة ؟،  متى  يحق للكائن أن يكون امينا ً  لذراعيه في العطاء وقلبه في تاج الحب  ولعقله في جبال السمو ؟

متى يقول   لاء ، وبأي طقس يقول ”  نعم؟؟

ولماذا تجبرنا الحياة  للبوح ، ولا تمنحنا لذة الإنصات للروح  والآخرين  كما يقول ” أريك  فروم ” في كتابه ”  فن الإصغاء ” .. لا بد من صمت بحجم الرغبة في الخلوة  قبل المشاركة الحوارية مع الآخر ، قبل أن نطلق بالونات الجواب .

 ومن مفارقات رد فعل الكائن العاقل ، تأتي أحداث روحية عالية كهدير جارف لا يقوى على  التفريق بين موقف ” النعم ” و” اللاء ” .. تتساوى الخيارات ، بل سيكون شاعر مثل الفرزدق مختلفاً ومتطرفاً  جدا ، في قصيدته الولائية  المطلقة ، التي حولت ”  اللاء الى ” نعم ”

واعطتها مشروعية للوقوف المختلف في تفسير ” اللاء والنعم ”   كما جاء قصيدة الفرزدق في مدح علي بن الحسين ”  زين العابدين ”  في معرض  رده عن ولي العهد العباسي في انكاره وعدم معرفة مقام  زين العابدين  بوصفه حفيد النبي محمد ،  

هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ

وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ

ُما قال: لا  قطُّ، إلاّ في تَشَهُّدِهِ،

لَوْلا التّشَهّدُ كانَتْ لاءَهُ نَعَمُ

 فهنا ينقلنا الفرزدق  الى نقطة جوهرية في ” احلال وابدال”  لوظيفة   اللاء رفضا  والنعم موافقة ” ، من خلال  تحدٍ لنص مقدس ” وهو الشهادة التي هي الفاصل عند المسلمين بين الكفر والإيمان ”

وهذا كشف ومفارقة ،  حوار ونديّة ،  دنو ، ومباعدة  ، عري ،اشهار وتقيّة، ازاء ” لاءات ” باهتة لافتات صفراء.

اشتعر العرب في  اشهار ولاءهم للاء علنا  والنعم تقية ، حيثما يكون السيف  والدينار مراداً، فالفرزدق نقلنا صوتياً  الى مرحلة من تحسس وعذوبة عمل  حروف الى منازلة تأريخية بين الحاكم  والرعية ، بين ثنائيا تتتمرد الى هيمنة الخطاب الرسمي وحضوته ، إزاء هامش  فاعل  يستحق النعم ،  ويشاكس الشاعر في بلاغة  لاذعة لتحل ”  اللاء ، محل النعم ”    .

…..

 النعم  الصفري

سوف اجترح توصيفا وليس مصطلحاً  لتوصيف لحظة الهلامية والميوعة  والبراغماتية  والتسول والانتهازية والتملق  والنفاق ، نحو حالة الكائن المتوافق ، المتصالح  مع الآخركعبد وتابع ومريد ،  هنا يبدو الإنسان أملس الملامح ، لا يحمل من شأن

اللاء ، أي ملمح  ، ولا وشم . يكمن  لنا ان نرى الحياة ”  الغابيّة ”  من الغابة ،  أو  لحظة ”  درس شيخ ” أو ”  اجتماع عقائدي ”  وكأي  قطيع سائد ، تتنمط  وتتمنذج الحياة  بعد إدمانها  على عصا الطاعة ، ولعاب المغريات .. ،  سيكون الكائن سوى علالمة ”  صح .. لنعم أزلية ”

هذه الكائنات أحادية القاموس ، ببعد واحد ، لا تحفل بغير ” النعم ”  في حضيرة  صاحب السعادة .

هذا التحدي يواجه العالم اليوم في محاولة لتصحيّر مساحة العقل  الحر ، وزراعة الشوك في النصف  الآخر ، نحن في مواجهة خالصة مع ”  النعم الصفري ”  / في حقول متعددة  اجتماعية سياسية اقتصادية  نفسية  فلسفية ،  دينية ، ..

النعم الصفري، حصيلة قرون من  تراكمات  العبودية ، السوط ، الرغبة ، السقوط القيمي ، فوضى الحواس ،  هيمنة  رأس  المال ، ديماغوجية الإعلام ، شيوع العري  الروحي والضميري قبل الجسدي ..

النعم  الصفري .. قبر قبل أن يكون  برزخ .،  وعنوان  لحياة  خاوية ،  إلا من بريقها  الهلامي ، وطقسها  المهيمن ..  

….

 اللاءت  الملساء الزاحفة  

…..

لا تختلف في مفعولها عن ”  النعم الصفري ”  بوصفها تسليما قديرا لمعسكر ” النعم ” ، وستكون  المفعولية ماضية الى تفعيل ”  أفيونها ” من سدنة الفريقين ، 

في معرض المنطق ، لا تحتمل الحياة  منطق” اللاء” دون وجود ”  النعم “، الحياة معادلة لا يمكن وضعها في مختبر لاستخراج معادلة موزونة …

لاءات  تتعادل مع النعم في صفريتها ، حين يكون سعر الشراء في سوق الصرف  على عنتريات”  اللاء” إزاء ميوعة وخبث النعم .

في الوقت التي تختفي ” النعم ” في نعيمها السلطوي ، تلتف ” اللاء ” الى منابر وحناجر  مُضببّة بنوايا غير واضحة النوايا .

لقد تلقينا كمجتمع عربي – اسلامي ، قومي ،  من ويلات اللاءات  الثلاث ، وبعضهم قد ضخّمها الى  عدد غير نهائي ، في خطابه  لرفض الآخر المختلف ،  العدو والصديق ، الوسيط والمحايد .

لا أحد مضى الى السلامة من كير شرر ”  حداد”  اللاءات الصنمية ، و جنينا من هذه المهزلة ” النعم الصفري ،  واللاءات الملساء..

كل  الخطاب “بلائه ونعمه ” تسويقاً لحناجر  في سوق صرف العملة والعنتريات .

……

 اللاء  الخالدة

لاء الجمال والحرية 

ربما يعتقد البعض أن الشاعر النواب هو لافتة سياسية ، عنتريات ، تغني بالقومية  وعشاق المازوشيات ، وتحرير الساديات من وكرها، لكن من لايعرفه الكثير من المدعين  ، ان النواب رائد الشعرية الشعبية،  وسياب  حداثتها ، الشاعر المناضل ،

 الذي التصق  بحرارة قضيته الوطنية ورفعها ليس منشورا سياسيا فقط ولا لافتة حمراء ، بل عجن موهبته بوطنيته  وانتج لنا أسفاراً  شعرية شعبية وفصحى ،  الشاعر الذي أجبر دكتاتورا  مثل صدام حسين يلتقي به بعد خروجه من السجن  ويرفض هدايا ” القائد النائب ” من مسدس وسيارة ،  وهو الذي

أجبر هذا الدكتاتور ” قائدا ”  أن يسمح لشعر النواب  أن يكون اغانٍ  تذاع خارج شروط الرقابة الرسمية الصارمة ، أغنيات خالدات  تتغني بالحرية والجمال والعذوبة والوطنية ”  البنفسح ، الريل وحمد ، روحي ،  وغيرهما ” ..

هذه لاء الشاعر ، المناضل ، الذي  لا تتوافق مع ”  النعم  الصفري ، ولاء ملساء ، انها ” لاء ” خالدة حقا ، حين تكون  عنواناً للجمال والحرية والعذوبة الإنسانية … لاء مظفر  هي .. لاءً  كبيرة ضد القبح  كله وبكل توصفياته .

 في  مقطع من نص عميق للصعلوك الشاعر حسين ،  وفي مقامة مدح الشاعر مظفر النواب ،  ختم  حواره الشعري بعشق مظفر النواب  بمقامة  الجمال والثورة  والشعر  ..

 اخترت هذه  المقاطع من نص الصعلوك حسين ، الذي تماهى  هو الآخر مع ”  اللاء”  الخالدة . وهو الذي  عاش مع اللاء   وطراً في الشعر والحياة ؟.

في محبة مظفر النواب

احببنا شعره

حين كبرنا

وزحفت على وجوهنا

السنوات الكئيبة

احببنا شعره

حين كنا   حمرا 

كبقعة الدم

احببنا شعره

حين خف بريق اليسار

الجميل

ككل شيء يجف

في الكون .

احببنا شعره الصافي

احببنا “وترياته الليلية

الصاخبة

التي منحتنا املا

كان يتبخر

في صحراء

حياتنا

احببنا ايقاعه المهذب

الحزين

كقنديل في كوخ

احببنا “الريل وحمد  “

واحببنا

لاءه “الخالدة  .

…………………..

شارك مع أصدقائك