نصوص للشاعر وديع سعادة

شارك مع أصدقائك

Loading

كلمة فقط، أو إشارة

كلمة، كلمة فقط

أو إشارة

كي أرى بيتاً في تموُّجات الصوت

ومَقعداً في عروق اليد التي تلوّح.

كلمة أو إشارة

كي يقعد هذا الحشد الواقف في قلبي.

كيف؟

كيف للسابح أن يصل

والبحر يَغرَق؟

غيوم

في عيونه غيوم

ويحدّق في الأرض

علَّها تمطر.

 

خُذ الحطبَ في نزهة

ضعْ يدك في يد الحطب المحروق

وخذْه في نزهة

خذْه إلى الغابة كي يرى أهله

كي يرى أولاده الذين وُلدوا بعد رحيله

ضعْ يدك في يد الحطب المحروق وخذْه إلى النهر

يريد أن يشرب.

الرياح تدقُّ على بابه

الرياح تدقُّ على بابه

كي تسأل ربما لماذا تأخَّر اليوم عن الهبوب معها،

كان تقريباً هواء

كان تقريباً رياحاً

لا مكان له غير الهبوب

ولا رفيق

لا الشجر لا الحجر لا التراب

كان تقريباً رفيق الفضاء

الفارغ.

تدقُّ الرياح على بابه

على باب قلبه الذي خلعته الرياح

ودخلتْ

ولم تجدْ أحداً.

تحاول أن ترفع يداً

للطريق رئة

وعيون

ودقَّات قلب.

للطريق دقَّات قلب متعَبة

ورئة

ملأى بغبار الدعسات

وعيون

تنظر إلى الماشين عليها وتدمع

تحت أقدامهم.

للطريق رئة تئنُّ تحت ثقل الخطى

وعيون تفقأها الأقدام

وذراع مكسورة

ومع ذلك تحاول أن ترفع يداً

كي تحيّي العابرين.

لا

لا تدقَّ على الباب

امشِ

مَن في الداخل يدقُّ على الباب أيضاً

ولا أحد يفتح له.

رفاق

لديك ما يكفي من ذكريات

كي يكون معك رفاق على هذا الحجر

اقعدْ

وسَلِّهمْ بالقصص

فهم مثلك شاخوا

وضجرون

قُصَّ عليهم حكاية المسافات

التي مهما مشت

تبقى في مكانها

أخبرْهم عن الجنّ الذي يلتهم أطفال القلب

عن القلب الذي مهما حَبِلَ

يبقى عاقراً

حدّثْهم عن العشب الذي له عيون

وعن التراب الأعمى

عن الرياح التي كانت تريد أن تقول شيئاً

ولم تقلْ

وعن الفراشة البيضاء الصغيرة التي دقَّت على بابك في ذاك الشتاء

كي تدخل وتتدفأ.

لديك رفاق على هذا الحجر

لا تدعْهم يضجرون

أخبرْهم عن الخراف التي بلا راعٍ

وعن الراعي الذي بلا خراف

عن الراعي الذي ضلَّ والخرافِ التي تعرف الطريق

أخبرْهم حكاية الذئب

وحكاية القبَّرة

وحكاية الغول

وإنْ لم يكن لهؤلاء حكايات فاخترعْها

اخترعْ حكايات

اخترعْ ذئاباً وجنّاً وخرافاً ورعياناً وفراشات

رفاقك مثلك شاخوا

ويقعدون على حجر صغير

اخترعْ لهم مسافات.

سفَرٌ مع الدخان

في الرقم عشرة من شارع “لوريكيت” في سيدني

أدخّنُ الآن سيكارة وأقول:

فعلتُ عملاً رائعاً اليوم

أخرجتُ من فمي دخاناً ونظرتُ إلى الدخان.

الدخان عملٌ جميل

وعملٌ جميل هو النظر

وأنا لديَّ كلاهما، فيا لجمال حياتي!

كنتُ مخطئاً حين ظننتُ أن الفم موقدة مطفأة

أو فقط للكلام

وأن النظر ليس إنجازاً رائعاً.

كنتُ مخطئاً حين اعتقدتُ أني

في هذه الغرفة الضيّقة

ليس في وسعي أن أنتشر في كل الشارع بدخاني ونظراتي

ومخطئاً كذلك

حين حاولتُ أن أنزع ذراعيَّ

وأضع مكانهما ريشاً

كي أصير عصفوراً

وأن أنزع بعد ذلك الريش

كي أصير نسيماً.

كان يمكنني أن أفعل كلَّ ذلك

في الدخان الذي يخرج من فمي

وفي النظرة التي تتبع الدخان.

كأنَّ

في رأسي غيم

كأنَّ رأسي يريد أن يمطر

كأنَّ تراباً في رأسي عطشان

كأنَّ بلاداً في رأسي لا يصل إليها المطر

كأنَّ في رأسي مسافرين عطاشى

وسنونوات

تريد أن تشرب

كأنَّ فلاَّحين تفقَّدوا أباريقهم

ووجدوها فارغة

كأنَّ بحراً في مكان ما جفَّ

وأسماكه تبحث عن ماء

وكأنَّ المسافة

بين الرأس والأرض

تتطلَّب نهراً في الرأس كي تُعْبَر.

كان

كان بودّي أن أكتب أغنية

كي يتسلَّى بها المسافرون في الطريق الطويل

المسافرون الضجرون من السفر

ومن الطريق.

كان بودّي أن أُوصل المسافرين إلى محطَّاتهم

بصوتٍ يقطع المسافات عنهم

وهم نيام.

كان بودّي أن أكتب أغنية

أن أجد كلمات

تقتل الضجر

كلمات

تقتل الطريق

رغبة

في فمي رغبة مالحة

ولا أعرف كيف أبصقها.

إنْ مشيتَ أو قعدتَ

الماء أعلى من الرصيف

إنْ مشيتَ

أو قعدتَ

ستغرق.

شارك مع أصدقائك