ماذا لو كان الأمر الذي شككت به هلوسة لا أكثر؟

شارك مع أصدقائك

Loading

بشائر الشرّاد

العراق

“لكنني عندما أرى بوضوح كيف تنشأ الأشياء وأين تصل إليّ ومتى، وعندما أتمكن من ربط تصوراتي لها بحياتي كلها دون أي عائق، حينها يمكنني أن أتيقن أنني لست نائمًا بل مستيقظًا عند مواجهتي لهذه الأشياء” ديكارت
يظن الفرد الذي يتبنى فكرة “الشك المتطرف” انه قوي ومتفوق عبقري ولكنه في الحقيقة كل ما هو قائم على الشك ونصب شباك الاحتيال هو مكر وخداع وهذا ما وصفة ديكارت بالشك الزائدي الذي يقبل بالحقائق ثم يقسمها لوحدات أصغر ويضف اليه مشاكل جديدة بعد حل المشكلات البسيطة، لذا فأن جميع الآراء تكون في موضع شك ولا سيما الشك العشوائي غير المنظم الذي لا يقبل بالحقيقة المطروحة، وأن التبريرات التي تقوم عليها أي معرفة هي عرضة للخطأ.
غالبًا ما تكون التجربة الحسية -وهي النمط الأولي للمعرفة- تجربةً خاطئةً، وبالتالي ينبغي الشك فيها.
على سبيل المثال، ما يراه المرء قد يكون مجرد هلوسة، وما من شيء يثبت استحالة ذلك. وبذلك، تفتقر كل المعتقدات القابلة للدحض إلى أساس كاف، لذا يقترح ديكارت حجتين، وهما الحلم والشيطان.
في تجربة الأحلام يتساءل ديكارت عما إذا كانت تجاربنا الحسية يمكن أن تكون مجرد أحلام.
نشعر ونرى ونسمع بشكل حيوي للغاية، وكأننا نعيش حقًا تلك التجارب. لكنه يعرف جيدًا أن الأحلام ليست حقيقة، بل هي خيالات، لذا إذا كان من الممكن أن نحلم بكل هذا الوضوح، فكيف يمكننا التأكد من أننا لا نحلم حاليًا؟
بيد أن تجاربنا الحسية ليست موثوقة دائمًا وهذا ما أكده سيجموند فرويد، الهدف النهائي هو الوصول إلى أساس لا يمكن الشك فيه، والذي وجده في مقولته الشهيرة: “أنا أفكر، إذن أنا موجود.
-للشيطان استراتيجية كبيرة في إغواء البشر بينما التلاعب في عقول البشر فلا يتم الا من قبل البشر أمثالهم، ماذا يفعل البشر سوى التلاعب وفق ما تمليه عليهم نسبية التناقض الأخلاقي والنفسي داخل النفس البشرية، الفضيلة المكتسبة الزائفة، الشك العشوائي هو نافذه لانتقاد وإظهار النواقص البشرية وهو التداخل ما بين طموح الانسان ورغباته المكبوتة أي هو نوع من المحاكاة للنقيصة في خليله النفس البشرية وبين الأنا المتضخمة.
في “رسائل خربر” للكاتب سي. إس. لويس، يعتبر الشك ومفهوم الصراع الروحي من المواضيع الرئيسية التي يكشف فيها لويس كيفية استغلال الشك من قبل القوى الشيطانية لإبعاد البشر عن إيمانهم ورفاههم الروحي. يقدم لويس اقتباسًا معبرًا يلخص ذلك
لا شيء مثل التشويق والقلق لتحصين عقل الإنسان ضد العدو. يريد الله أن يجعل البشر مشغولين بما يفعلونه؛ يود أن يبقيهم ليفكرا بما سيحدث لهم.
يعكس هذا الاقتباس كيف يمكن للشك والخوف من المستقبل أن يشلّا الأفراد، مما يمنعهم من العيش بشكل كامل في الحاضر والثقة في إيمانهم.
وفي عبارة أخرى يناقش لويس دقة الإغراء وتآكل الإيمان تدريجياً:
الطريق الأكثر أمانًا إلى الجحيم هو التدريجي – المنحدر اللطيف، الناعم تحت القدم بدون تحولات مفاجئة، بدون معالم، بدون إشارات.
أي كيف يمكن للشك والرضا الروحي أن يقودا الإنسان بعيدًا عن أهدافه الأخلاقية والروحية دون أن يدرك ذلك.
“الشك ليس وضعاً مريحاً، لكن اليقين هو وضع سخيف” وفق فولتير
دعوى لرسم مخاطر الشك غير المنضبط وأهمية الشجاعة والنية في الحفاظ على السلامة الروحية للإنسان، الشك المنظم لدى فولتير هو حالة ذهنية ضرورية لتحفيز البحث والتعلم، بينما القناعة المفرطة باليقين يمكن أن تكون مضللة وتؤدي إلى الجمود الفكري.
يمكن لأي لص صغير أن يصبح سارقا كبيرا، كما يمكن لأي طفل يضرب بالحجارة منزل جارهم أن يكون من غوغاء الوطن ….
في رحلة التحول من النسبية في الشك الى الشك المطلق ، الشكوكي غير المنظم هو انسان بدأ برحلة الشك وتطور الى كونه مضطربا سلوكيا ومنعزلا اجتماعيا.
شارك مع أصدقائك