حوار مع الشاعر، والكاتب، والباحث في الفلكلور وثقافة الطفل عبده الزراع

شارك مع أصدقائك

Loading

حاوره: عـادل عطيـة

 

 

“النهوض بثقافة الطفل لا يتم إلا بحراك مجتمعي ومؤسسي”

 

       يقول الكاتب، والمفكر  السوري “عبد الكريم بكار”:

     “نريد أن ينشأ الطفل، وهو يشعر أن القراءة مثل النوم والطعام والشراب واللعب.. شيء يتكرر كل يوم”.

    فما الذي قدمناه للطفل، وهل ما قدمناه له يكفي؟

   وإذا كنا نحلم بتقديم المزيد من الثقافة؛ فما هي المعوقات التي تقف في مواجهتنا، وكيف ننتصر عليها؟

   هذه التساؤلات، وغيرها…

    نحملها إلى شاعرهم، وكاتبهم، والمتحدث الرسمي باسمهم ـ ان صح التعبير ـ؛ الأستاذ عبده الزراع، في هذا الحوار…

 

  • هل يختلف أدب الطفل عن غيره من الآداب، وهل هو الأصعب، ولماذا؟

      أدب الطفل هو أدب متخصص؛ لأنه يتوجه بالضرورة إلى الأطفال، وهي شريحة كبيرة مندرجة إلى فئات عمرية مختلفة، بداية من فئة قبل المدرسة، وصولاً إلى 18 عاماً بداية المراهقة. وكل فئة لها خصائصها الفسيولوجية والنفسية، ويجب على كاتب الأطفال أن يتعرّف على هذه الخصائص، بجانب ادراكه بطبيعة كل فئة أو مرحلة من المراحل من حيث اللغة، والقاموس اللغوي المستخدم لكل مرحلة، وضرورة تحري الدقة والأمانة في كل يرد من معلومات داخل العمل الادبي المقدم للطفل، علاوة على اطلاق العنان للخيال الذي يساعد تخصيب عقل ووجدان الطفل القاريء.

والكتابة للأطفال بلا ادنى شك صعبة، وتحتاج لموهبة كبيرة، تدعمها ثقافة متنوعة وثرية ولها علاقة مباشرة بعوالم الطفولة، لذا فهي تحتاج الى جهد كبير ممن يتصدى للكتابة للأطفال.

  • كيف ترى أدب الطفل الآن؟

أدب الطفل الآن يعيش أزهى عصوره، فقد اتجه معظم الكتاب الى الكتابة للأطفال بحثاً عن جائزة هنا أو هناك، خاصة بعد انتشار الجوائز العربية الكبرى التي تمنح جوائزها بالملايين، وقد زاد عدد دور النشر عن السابق، علاوة على الاهتمام الإعلامي الكبير بكتّاب الأطفال، واعتراف المجتمع والوسط الثقافي بقيمة الكتابة للطفل بعدما كان ينظر إليها نظرة دونية.

  • متى يصنف أدب الطفل العربي ضمن قائمة العالمية؟، ولماذا كل هذا التأخير؟!

لكي نصل إلى العالمية؛ لا بد ان نبدأ من المحلية، فنكتب عن مجتماعاتنا وعاداتنا وتقاليدنا التي تخصنا دون غيرنا، ونُحمّلها قيمنا الإنسانية، وعبق مجتمعاتنا مثلما فعل نجيب محفوظ حينما كتب عن الحارة المصرية في الثلاثية، وأولاد حارتنا، وغيرها من الروايات. وضرورة العمل الجاد المخلص على تنشيط حركة الترجمة ودعمها، خاصة الترجمة العكسية أي ترجمة أدب الأطفال العربي الى اللغات الأخرى؛ حتى يتعرّف العالم على أدبنا العربي، ويجعله متاحاً للقارئ الأجنبي، وهذا الدور في ظني هو دور الدولة ومؤسساتها الثقافية، وخاصة المركز القومي للترجمة المنوط بالترجمة من لغات أخرى الى اللغة العربية، فلماذا لا يترجم ادبنا العربي الى لغات أخرى؟.

  • نسمع عن مسرح الطفل، وحتى الآن لم نسمع عن سينما الطفل، لماذا؟!

لأن الدولة اهتمت بالمسرح ولدى وزارة الثقافة العديد من المسارح مثل المسرح القومي للأطفال، ومسرح العرائس، بجانب مسارح بيوت وقصور الثقافة المنتشرة في أقاليم مصر المختلفة. وهي تنتج عروضاً لمسرح الطفل كل عام.

ولم تعط الدولة نفس الاهتمام لسينما الأطفال، بل ألغت المهرجان الدولي لسينما الأطفال بعد أن كان عمره عشرون عاماً. وكان ناجحاً جداً، والغريب أننا فقراء في انتاج أفلام الأطفال، وقد توقف قطاع الإنتاج الذي كان ينتج دراما للأطفال، وأيضاً توقفت شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات عن الإنتاج هي الأخرى، ورفعت الدولة يدها كلية عن دعم سينما الأطفال.

  • كيف ترى وضعية صحافة الطفل في العالم العربي؟

هناك تراجع حادث الآن بالنسبة لصحافة الطقل العربي عما قبل، نظراً لتوقف بعض مجلات الأطفال عن الصدور، مثل: “باسم” السعودية، و”أحمد” اللبنانية، و”مجلتي”، و”المزمار” العراقيتين، و”قرناس” الأردنية، و”نونه” المصرية، وغيرها من المجلات، في حين نحتاج إلى المزيد من إصدار مجلات الأطفال العربية، كي تستوعب التزايد المطرد لعدد الأطفال العرب، وكذلك زيادة عدد کتاب ورسامى الأطفال، وبعدما تحولت بعض المجلات من الاصدار الأسبوعي إلى الإصدار الشهري، مثل: مجلة “علاء الدين” المصرية، و”قطر الندى” المصرية التي كانت تصدر أسبوعية في فترة الصيف، فاصبحت تصدر نصف شهرية طوال العام.

يفتقر أطفالنا إلى صحيفة أسبوعية باسمهم، وتهتم بهم. برأيك لماذا لاتهتم دور النشر بذلك، والاكتفاء بالمجلات؟

كان هناك محاولات مصرية لإصدار صحف للأطفال ولكن لم يكتب لها الاستمرار، ففي فترة سابقة أصدر المركز القومي لثقافة الطفل، صحيفة للأطفال، بعنوان “شمس وقمر”، وكذلك كانت هناك تجربة مهمة في إصدار صحيفة للأطفال حينما أصدرت دار أخبار اليوم ملحقاً منفصلاً للأطفال بعنوان “صبيان وبنات” كان تقريباً كل سبت يوضع بداخل العدد الأسبوعي من الجريدة وكان ملحقا مجانياً، وظل يصدر فترة طويلة، وأيضا مجلة فارس للأطفال في بداية صدورها، كانت تصدر ملحقاً يوزع مع الجريدة يحمل نفس اسم المجلة. والسبب في رأيي أننا في العالم العربي لم يكن لدينا ثقافة أن يكون للصغير صحيفة تعبر عنه مثلما توجد صحف للكبار.

 

  • هل من مشاكل لأدباء الطفل، وهل من علاج لقضاياهم الفكرية، والإبداعية؟

تكمن جل مشاكل أدباء الطفل، في قلة فرص نشر إبداعاتهم من قصص، وسيناريوهات، وأشعار، نظرا لندرة عدد اطفال في مصر والعالم العربي مقارنة بعدد كتاب الاطفال الذي تضاعف في السنوات الأخيرة، علاوة على انتظار دورهم في نشر كتبهم في سلاسل النشر الحكومية، ونظراً لازدحامها قد ينتظر الكاتب أكثر من عامين ليصدر كتابه عن واحدة من تلك السلاسل، وهذا يجعل عدداً من هؤلاء الكتاب ينصرفون كلية عن الكتابة للأطفال، هذا بالإضافة لضعف مكافآت النشر في المجلات المصرية، مما يجعل كتاب الأطفال يشعرون بالغبن والتجاهل. أما عن علاج هذه المشاكل فتتمثل في زيادة عدد مجلات الأطفال، وزيادة المكافآت التي ترصد مقابلاً لنشر إبداعاتهم، وزيادة عدد السلاسل الحكومية التي تنشر كتباً للأطفال، حتى لا يضطر كاتب الطفل أن يلجأ إلى الناشر الخاص لنشر كتبه بدون مقابل، فالناشر الخاص يستغل حاجة الكاتب الشديدة لنشر كتبه.

  • ما الذي يمكن فعله؛ لكي ننهض بثقافة الطفل؟

النهوض بثقافة الطفل لا يتم إلا بحراك مجتمعي ومؤسسي، تتضافر فيه جهود عدة وزارات تعمل في مجال الطفولة، بناء على خطة واستراتيجية مدروسة ويتم تنفيذها بدقة، وأرى أن وزارات: التربية والتعليم، والثقافة والإعلام، والشباب والرياضة، جميعها تعمل في مجال الطفولة دونما تنسيق أو ترتيب فيما بينها، وأرى أنه لو خلصت النوايا وأردنا بالفعل نهوضاً بثقافة الطفل لابد من العمل وفق استراتيجية واضحة لهذه الوزارات.

  • كيف نخاطب الطفل في ظل التقنيات الحديثة، وما مستقبل أدب الطفل في ظل تحديات الانترنت؟

نخاطب الطفل بما يتناسب وذائقته ومعطيات عصره، وأن نكتب له ما يتماس مع عقله وتفكيره، معتمدين على توظيف التقنيات الحديثة التي تشكل جل عالمه المحيط، حتى لا تكون الكتابة في منأى عنه.

ان الفن يكمن في مدى قدرة الكاتب على الإتيان بكل ما هو جديد ومدهش، حتى يستطيع أن يجذب الطفل مرة أخرى للكتاب الورقي، وأن ينقذه من براثن الإنترنت الذي استحوذ على معظم وقته.

  • هل تعتقد أن الفضائيات الموجهة للطفل، تكفي، ولماذا؟

الفضائيات الموجهة للطفل قليلة جداً مقارنة بعدد أطفال الوطن العربي، وهي لا تقدم ما يشبع إحتياجاته اليوم من برامج متطورة، ومسلسلات، وأفلام كارتون عربية، تتناسب وعاداتنا وتقاليدنا وديننا؛ لذا يجب أن نخصص فضائيات للطفل العربي، تعتمد على كل ما هو عربي، أو أجنبي خاضع للانتقاء والفرز، حتى لا يؤثر بالسلب على أطفالنا.

  • كمتخصص في مجال أدب الطفل، ماذا تقول للقائمين عليه، والمهتمين به، وبماذا تنصح الكتاب الجدد في مجال الكتابة له؟

أقول لهم، لكي تنجحوا وتتفوقوا في مهمتكم يجب أن تحبوا ما تقدمونه للأطفال، وألا تستهينوا بعقولهم، وتتعاملوا مع ما تقدمونه له على أنه رسالة سامية، يجب الاخلاص لها لأنكم تشكلون وجدان وعقل طفل اليوم، ورجل الغد. وهي رسالة لو تعلمون عظيمة. كما أنصح الكتاب الجدد، بأن يتمهلوا كثيراً وهم يكتبون للأطفال، ويبحثون عن الأفكار الجديدة والمبتكرة، ويطلعوا على آداب الطفل الأجنبية، ويروا كيف يفكرون، وكيف يكتبون. وأن النشر مرحلة تالية سوف تأتي طواعية حينما يكون الإبداع جيداً.

شارك مع أصدقائك