سمفونية الفن ومعيارها
في كتاب النقد الفني للكاتب اندريه ريشار ترجمة صياح الجهيم ط عام ١٩٧٩
غالبا مايثير فينا اي اثر او عمل فني انطباعا مرتبط ( دهشة اعجاب نفور ضجيج…الخ ) من الاحاسيس التي يدركها العقل ،الذوق مختلف ومتغير يتغير الافراد والعصور والبلدان فلايوجد معيار شامل واحد وثابت.بل هناك قواعد ،يمكن ان نعرف النقد على انه فن الحكم على النتاج الادبي والاعمال الفنية. القاعدة الاولى تتضمن (النقد الوصفي) المنظرون الذين ظهروا في القرن السادس والخامس ق م في الفن اليوناني،حيث ولد نقد الفن ومعياره التشابه مع الاصل في الظاهر وتمثيل الاشياء كما هي في واقعها الظاهري كالتصوير. العصر الوسيط كان مشبع بالفكر الديني وتخلى عن معيار التشابه وجمالية محاكاة الظاهر،حيث كان مسيحيي العصور الوسطى يرسمون مافوق الطبيعة بمنزلة رفيعة وبضربات انسانية تخضع للعقائد،فالكتاب المقدس سمح للفنان ان يمثل الخالق بهيئة انسان. الواقعية تمثلت في القرن التاسع عشر لم تتوطد الا في زمن متأخر بعد المعرض الفني الذي اقيم عام ١٨٤٦ ل تيوفيل توري،وفيه اعتراض جيل على الموضوعات التاريخية . من خلال حب الطبيعة ودراستها تجددت جميع الفنون وجميع الاغراض الشعرية كما تتجدد الطبيعة نفسها بلا انقطاع،ان ينفذ الفنان الى اعماق الطبيعة وان ينقل بصدق ومهارة ما يراه..تلك عبقريته.لذا ان موضوعات الملاك تعد مخالفة للعقل والطبيعة ،الفنان لايستطيع ان يستهدي بها الى الواقع الطبيعي. النقد الادبي يستند هذا النوع على اعتبار اي عمل او اثر هو عبارة عن نص ادبي مكتوب لذا يصف اللوحات كصنف ادبي شعري اوقصصي ،وكأنهم يحولون السمفونية الى الة البيانو او تحويل لوحة الى مقالة. العصور الحديثة اشادت باللون على حساب الشكل حيث غزا طوفان الالوان وخشي بعض الرسامين من اعتبار منزلة للملونين على حسابهم .هذا لايعني نفيرهم من اللون والظل والضوء. الزمن المعاصر حيث تنهار الواقعية ويضطر النقاد الى العدول عن معيار التشابه ويتحول الى التعبير والتحرر منه ،كل فنان يرسم موضوعه حسب اسلوبه واحساسه. النقد الاديولوجي المتضمن القيم الدينية والاخلاقية ويتضمن القيم الساسية.نجد ان معظم الديانات استخدمت الفن واصله مدين للسحر ،اذ يبدو ان صور الحيوانات في العصر الحجري مصدرها السحر المتعلق بالصيد،وعندما تحددت العقائد قام الفن بنشرها،لذا خلقت ( ايقنة) في خدمة اساطيرها. لكي نفه الفن البوذي لابد من فهم اسطورة بوذا.وحين نفهم الموضوع الديني يمكننا ان نتصور اصالة كل تأويل وتقدير افضل. اما الناحية الاخلاقية فأنها استخدمت الفن من اجل تربية البشر،والقيم السياسية .شأنها هي الاخرى شأن الاديان وسيلة للتاثير،فنون الشرق القديم مثلا مجدت الفراعنة وملوك الفرس والكلدانيين والاشوريين ومؤسسي السلالات،حيث ان خدمة الملك افضل المطامح.
الفن الرمزي اصله الفكرة حسب هيغل حيث ان ايجاد الفكرة، او رمز يعبر عن الشكل الواقعي المحسوس كالمثل المضورب والاستعارة والحكاية الواعظة والصورة،مهد الفن الرمزي الى الكلاسيكي،الوحدة الصميمة بين المحتوى والشكل والتلاؤم والانسجام التام كل ذلك يكون مركز الفن، النقد الشكلي الذي يتضمن الشكلية الاكاديمية،السمة المشتركة بين معايير التشابه والمذهب والتعبير عن المجتمع،هي الرجوع الى شيء اخر غير الاثر الفني ذاته،اما النقد الشكلي فهو يسعى الى تقييم العمل الفني تبعا لاسلوبه القواعد الثابتة تتبدل.التطور ضروري وهو ماجاء بالنقد التطوري بعد النقد الاكاديمي.اولية الرسم هي العنصر الجوهري في اللوحة لانه يعبر عن الموضوع ذاته،اما اللون فهو احد المحسنات تضاف اليه. اما النقاد الكلاسيكيون كانت صياغة عقائدهم تسمح بالفحص النقدي للاثار الفنية.حسب ليبران الاهمية العظمى للنسب،اما دراسات التقنية فمستوحاة من العقائد الكلاسيكية الموضوع يجب ان يخضع للنظر والتأمل مما يقود الى البحث عن مرامي الفنان وشرحها وتفسيرها. القارئ لهذا الكتاب لن يجد تاريخ لنقد بل نقد النقد،ودراسة المؤثرات التي تؤثر في خلق الاثار الفنية،وتوضيح مقاصد الفنانين،ومعنى اثارهم،ودراسة اساليب وتقنيات اصول ارباب الفن والاصول تتضمن الشعور الشخصي اعتراف بذاتيتها.اضافة الى الحكم استنادا الى قاعدة او مذهب نقدي حيث على مر العصور بعضها يؤخذ بها وبعضها يترك. فالذوق هو ملكة الحكم على اي موضوع او نمط التصور من خلال الرضى او الانزعاج على نحو متجرد كل التجرد،كما يشير المؤلف الى ضرورة ان يعرف الناقد الفنانين ليساعده ذلك فك الرموز الرسالة وافهام الناس مراميها.تمكن من ذلك من خلال الاسلوب الفلسفي الرصين واقتناء المفردات والكلمات المناسبة والمصطلحات النقدية والفنية،طرح اساليب النقد لمختلف المدارس الفنية ووجهات نظر المتفلسفين بدقة واشار الى اقوالهم بحرص واهتمام ووزع مادة الكتاب وفق فصول مقسمة بالتسلسل الزمني الموضوعي الدقيق..