اعترافات الولد الضال..شهادة سردية
*(لم تشعر ارواحنا بالحنين لشيء ،سوى الكوانين،وحكايات الجدات والامهات..العارفات بكل شيء ولا شيء ..فجأة تهدمت ازمنة التراتيل،والادعية،ونواح الحناجر المرافقة لانين القصب واهتزازات البردي المتمايلة،ونداءات الكراسيع والحذاف ،كانت المهمة صعبة او مستحيلة ،والبحث يحتاج الى صبر واناءة وتروٍ،وحياة بنات القصب مزدحمة ،نهاراتهن مقاومة لشظف العيش ،ولابد من اشغالٍ لمساءات ثقيلة،يصاحبها،ملل وانتظار لمجهول قد لايجيء ابداً ،لم تعد التراتيل تفيد بشيء،الالهة صمت اذانها،ولم تعد تكترث لكل ماهو انساني(الانسان كائن وقح تفيض من بين ثناياه نذالات سود وسفالات لايتحملها الارباب رغم شرورهم) حناجر الامهات وحدها من انتبهت لهذه الحقيقة،فراحت تبحث عن بديل، اقتعدت حافة فضاء القصب المليء بالابهام ،شاهت عميقاً في سماوات فراغها،باحثة عن بديل،يطردالاحزان ويبدد ظلمة ارواح الصبية القابعين وراء مخيال عاجز عن استقبال الغرابة،فجأة..فجأة لاح للام خيال كائن لايشبه سوى نفسه،عن بعد لوحت له،وعن بعد اعاد التلويحات مبتسماً،حين اقترب منها،أمنت انها وجدت ضالتها،راح الشيء الذي بات بشبه ديمزي الذي نزل الى العالم السفلي..يروي ..ويروي.. ويروي،،لايام أمتدت من هناك الى هناك، حفظت الام المكللة بالسواد ،كل ما انصتت اليه، صرته بامانة في طرف شيلتها مثل حاجة راقية ثمينة ،همست—من اين يأتي بكل هذه المدهشات…عوالم فاضحة لاسرارها نساء بلون فصوص الملح،ورجال توسدت ابصارهم وسائد من المكر والامال. قال/—هو السرد.. هو السرد…فاحفظيه!! حفظته وصارت تكرره كلما جيء بالغروب مكبلاً بلهب الكوانين ..لقنته لبنات صباها ،واولاد تفاخرها،فكان السرد،،،السالفة..التي صارت قصصاً.. الرب يقول(نحن نقص عليك احسن القصص) ولان الاحسن قيل ،كان على ابناء الخيال،البحث عن قصص اقل حسناً ،والاكثر اثارة للواعج النفوس،التي تطالب بالمزيد..السرد قيمة اخلاقية،واراه اهم من الشعر كثيراً،الشعر بطر متحذلق، مساوم،،الشعر دورةفراغ يتناسل مثل شياطين. فيما تمسك السرد بارثيته الشفاهية،الدنيا تلعب لعبة سرد،الحكايات عماد وجود الانسان،دونه تغدو خرساء، لاتفيد ولاتنفع، اظن ان سومر التي تعلمت الكتابة وعلمتها،اول من صاغت الحكايات، ضمختها بالوان من العطور الادهاشية، سومر تحكي..كانت حكاياتها ارثاً جميلاً حفظته الارض بين جوانحها لقرون طويلة، لم تعد الذاكرة تعرف عنه شيئاً، نسي الحكي مصادره الاولى،لكن شفاه الامهات حفظته ارثاً،،،قبل ان افك طلاسم الف الليلة وليلة واغور بين طياتها،انصت الى حكائة الكانون البطيئة النطق،بلهفة ساذجة،تشيلنا على جواد لسانها،لنحط عند السندباد ورحلاته العجيبة ،مدن وبحار ومخاطر ،اضطرابات خارج مألوف العقل،من اين عرفت عجوز الاهوار هذه الاسرار،؟ الاجابة صعبة،،،وتحتاج الى تفحص وايضاح، اللعبة بدأت على غير اوانها..الرجال اخذوا السرد من البعيد ومجدوه،صاروا يقلدونه كلما جاء البعيد بجديد.. تعثر الابتكار، ونمى العقل السردي داخل حديقة لاتشبه حدائقه،لهذا جوبه بعدم القبول والرفض، السارد عاشق هائم..تتعثر خطاه..كلما اقترب من واقعه ،صدمته تحولات الاخر السردية ،فاعلن البراءة والابتعاد،لم يعد الواقع يعنية بشيء،وأن اراد الافادة منه اظهرة عند اعلى منازل القبح وسوء البناء مجتمع ميت،لاينتج غير حروب وتوابيت وانهزامات نفسية ،تدون هذه السرديات ارضاءاً اذات ساردة غاضبة،منذ منتصف ستينيات قرن التاسيس السردي،صاحبت السراد الكثير من الاتكاءات،الكثير من النقل الحرفي للبناءات ،حتى غدت القصة العراقية،خليط من المؤثرات التي لافكاك منها قط.. مالذي نريده من السرد؟!! ولماذ وبعد هذه السنوات ،لم تتوافر القصة على هوية خاصة بها..يبدو ان العقدة لم تجد حلالها بعد؟الجميع يقلد الجميع،الجميع شطب الافكار المعنية بابتكار هوية قص خالصة،مثلما حدث في مدن اخرى،حاول البعض،لكنه مالبث ان هبط الى قاع النقولات العرفية،في تجربة تضاد،وهي واحدة من اهم التجارب وربما تكون الوحيدة في مناخ السرديات العراقية، وضعنا اسس الهوية السردية،الغينا الكثير من المؤثرات التي صارت ارثية هي الاخرى،فقدمنا( المرآى)ليكون بديلاً،،القصة باتت ثقيلة ومع الهجوم الروائي بدأت تتلاشى،لكني لا اعلن موتها ابداً،اعترف انها تحتاج الى احلام تلبسها هيبة الوضوح وتمنحها هوية خاصة،دون هذه الهوية لاقصة تبقى صامدة مثل القصص الاتية من قرون بعيدة،،، لااحد يترك في فضاء السرد ماهو خالد وابدي..مثلما ترك موبسان وتشيخوف وناتالي ساروت وبورخس وغوغول.. وكالفينو.. وروب غرية وادگار الن بو وهنري جيمس ،لااحد يفكر بالابتكار..كلنا ..كلنا نهابون لافكار الغير وابتكاراتهم..رغم ان السرد حكاية ..والحكايات صناعتنا منذ اول الدهور..لكننا تنكرنا لها بحجة التطور والمدنية والابداع..من اين ينشأ الابداع ونحن ننتظر معطف گوگول اخر ومكتبة بابلية أخرى..لندخل في دياجيرها وندون امام الاسماء..القاص الكبير..يالها لعبة ..ياله زمن ماكر..أطفأ الكوانين وابقانا نبحث في ظلمة الخراب عن وهم نتبناه ونتخذه معلماً.. ٤/١١/٢٠٢٢