الغلو والمزايدة في المقدس في سرديات ( أكاذيب أنخيدونيا المقدسة ) للروائي شوقي كريم حسن

شارك مع أصدقائك

Loading

جمعة عبد الله/اليونان

 

أسلوب سردي مختلف في ابتكاراته وصياغته خارج عن نمطية المألوفة في السرد الروائي والقصصي , هو نتاج ثمرة طويلة من الخبرة والكفاءة في ناصية التألق في الإبداع في ثنائية ( السرد / الدراما ) , أن يحمل السرد فضاء واسع , يضم كل الالوان والاجناس السردية , وان يكون السرد هو لسان الواقع ومرآته الظاهرة والمخفية , أي أنه سرد الواقع نفسه بنفسه , بكل تجلياته في المعنى و الإيحاء والرمز الدال , في اعادة تقييم صياغة الموروث الديني الى جادة الحقيقة والصواب , ونزع ثوب الكذب والزيف في الغلو والمزايدة في مفهوم المقدس الذي لايخدم سوى كروش الكهنة بالفساد والاحتيال , هذا ما تدلل الرؤية الفكرية الهادفة والرصينة في مساراتها في الكشف الشجاع للحقائق الجارية في أرض سومر في الزمن الحاضر . والسرديات تضم 21 لوحة سردية هي فعلاً لوحات حياتية تنطق بنفسها لنفسها , هي من الواقع الفعلي , في ظهور ظواهر هجينة في المقدس المزيف على سطح الاحداث , هي نتاج صناعة الدجل والأكاذيب , وهي تعطي صورة مشوهة للدين ألم تكون سوداء , يخلقها الكهنة وأرباب الأرض , باعتمادهم بشكل أساسي , على الخرافة والاوهام , يلبسونها جبة الدين , لكنهم في حقيقة الأمر يدفعون الواقع الى الخراب , يدفعون الحياة أن تكون محصورة بين الحروب والموت وطوابير التوابيت بالمعاناة القاسية , ولكي يسهل عليهم عمليات النهب المال العام بأسم الدين بكل بساطة وفي وضح النهار , حتى يجلسون على كرسي العرش المرصع بالذهب والدولار , والصولجان مرصع بالدرر والجواهر , ويخلقون واقع مشوه ومشبع بالخرافات , على ايقاع التراتيل والصلوات على تمجيد وتعظيم كهنة الدين , أي تعظيم أنفسهم بالقدسية , على شقاء ومعاناة الحياة , التي تغوص في الإهمال والحرمان والشذوذ عن المعقول والمنطق , محاولة تخدير العقل بالخنوع والطاعة العمياء , وعندما تشتد وتيرة الأزمة الحياتية والمعيشية بالتذمر والتململ , يتذرعون الكهنة بالتوهيمات المضحكة , لأنهم ببساطة متناهية لا يسمعون صوت الأنين والآهات لآنهم في بروج عاجية ضد الصوت ,ويتمادون أكثر في صخبهم وضجيجهم المدوي في منابرهم في إعطاء حقن التخدير ( عيشوا فقراء ومعدومين لكي تكتسبوا الجنة في الآخرة ) ( قال الكركدن – عند تمثالي الاعظم .. . ضعوا هتاف ينادي بما يتوجب على المداحين إشاعته كل برهة زمن … الدنيا دون ذكر ما كنت عليه , وما يجيء معي لا يسمى دنيا , هي فراغ تافه !! قال الكاهن / – هذا ماهو حاصل !! قال الكركدن / – كرسي عرشي .. اجعلوه مزاراً … لتباهوا به الأمم والشعوب !! قال الحارس / – هو ما نحلم به …. قبة من ذهب الديار القصية .. ومرجان آت من أقدس البقاع واكثرها حباً ) ص14 . وجعل الناس تدور في حيرة وارتباك مثل حمير النواعير ( ملثمة بهالات من الحكايات والخرافات , والابهام , قال حنين أمراً – ألقي بعينيك بعيداً .. الموتى لا يحتاجون الى ابصار …. الضوء لا يمنحهم سوى الإحساس بالغربة ) ص33 . الطاعة العمياء واجب الطاعة اولياء الامر, الكهنة أرباب الأرض . حتى يسدون باب الاحتجاج والتذمر من مشاق الحياة القاسية , حتى لا يتعالى الانين في نفوس مقهورة من الظلم الذي ابتلت به حياتهم و ضاعت أحلامهم ادراج الرياح , في حياة جافة ومخنوقة بالرايات السوداء والخضراء , يلفهم التيه والضياع . حتى يسدون باب العقل من طرح الاسئلة الحرجة . لماذا جئنا الى الحياة ؟ أين سنمضي في مسيرة موت العقل في تمزيق كبد الحقيقة ( كفاك أيها المهزوم ضجيجاً !! ( داء وقاحة مواجهة الموت ) ………. أيها الموت … وجودك ضد الابدية …. فلم التمسك بصداقة الأرض …. كاذب أنت حين ادعيت انك الحقيقة الوحيدة التي يجب أن يقرها الإنسان … أيها الموت … هناك … وهناك .. وهناك الكثير من الحقائق التي قتلتها بخناجر حقدك وكبريائك ومجونك ) ص50 . كهنة يقرعون طبولهم بالخراب والحروب , وقراراتهم نافذة المفعول بدون مناقشة , هذا الفرق الوحيد بين كهنة اليوم عن كهنة الأمس ( نفذ ثم ناقش ) النقاش محرم ومعصية من رب العالمين والدين , لان النقاش والمجادلة يدخل في نفوس الناس الشكوك والظنون وهي أولى المحرمات , يريدون الانسان مدجن بثقافة القطيع يردد كالببغاء بالخنوع وانحناء الرأس بخشوع وتقبيل أيدي الكهنة , بدعوة انهم يحملون العصمة والوصايا من رب العالمين , يريدون الإنسان أن يكون لعبة تحركه الحكايات مشبعة بالأوهام والخرافات , ويحشرون ثقافة إبليس في عقول الناس , حتى يتبخترون بفخر وغطرسة انهم ارباب الارض وأصحابها الشرعيين , وينفخون في أنفسهم مثل ( علي شيش ) في محيط مليء بالفقر وبيوت الطين والأزقة المنسية بالإهمال والبيوت العشوائية , لا تصلح للسكن حتى للحيوانات السائبة , لا شتاءاً ولا صيفاً , ولكن منابر الكهنة زاخرة بالصلوات والتكبير , في هذيانات القحط الحياتي تلف المدن المغضوب عليها ( المدن هذيانات ليالي موغلة بالقحط ….. تشبه مواقد جهنم , كلما أخذت اعمارنا لترمي بها الى طرقات قاسية . سمعنا صراخها الراعد – هل من مزيد ؟ !! ) ص 101 . هذه عمق الرؤية الفكرية البليغة , في التجلي في مفهوم المقدس , بين الاصالة والزيف والكذب , كما يراهن عليه كهنة الزمن الحاضر , في تأسيس دولة قائمة على العويل والنحيب والنواح ولطم الصدور والخدود , في مملكة البكاء والنواح ( آه أيتها الملكة التي ابتكرت النواح مركب النواح سيرسو في أرض معادية وهناك سأموت … أنشد الاغنية المقدسة أوه إنانا المجد لكِ ) ص 112 . بهذا الشكل صبغت أرض سومر بالسواد , من اجل عروش الكهنة العظام . ولكن بعض المجانين يرهقون راحة الكهنة بالقلق , حينما يصرخون بأعلى صواتهم ( لسنا موتى ….. لسنا موتى ) وبكل بساطة لو تنكشف الحقائق لاهتزت عروش الكهنة وزعزعة حصونهم العاجية , وانقلب عاليها سافلها , وبالتالي ستتصدع دولة الكهنة , وتضيع التيجان والصولجان ( لو اكتشفت الحقائق لتغير كل شيء , وسارت الامور على درب متوهج واضح المعاني ) ص 147 . ×× بعض الحكايات السردية : 1- سردية : أوتار الكركدن : كم هو حجم المآسي والمعاناة الهائلة بوجود كهنة الزور والزيف وهم في قمة الجاه والنفوذ , نصبوا انفسهم حماة الدين والمذهب ويدعون يحملون وصايا من رب العالمين , وحقيقة امرهم كل واحد منهم مصنوع على شكل الكركدن ( وحيد القرن أو يرون الاشياء بنصف عين ) يتحكمون في مصائر الناس , ويخدعون البسطاء في صناعة الأكاذيب المشبعة الى قمة رأسها بالخرافات والأكاذيب وبيع الاوهام دون رصيد, نصبوا انفسهم في مجلس الحكماء الالهي أو مجلس الارباب تحت مظلة رب العالمين , في تكوين دولة الكاهن الأعظم أو دولة الكركدن الاعظم والمقدس ( لا أدري وانا المتابع المعروف لكل حركات الكركدن وحركاته , حتى أصبحت واحداً من صناع تاريخها , المليء الاكاذيب وبطولات مزيفة ) ص9 , ولكن غبار الغموض وضبابية الرؤيا , تدفع الناس الى الحيرة والارتباك والبلبلة في دور الكركدن الكاهن : هل هو مخلص فعلاً بوصايا الله والدين والمذهب , ويكون اللجوء إليه شفاعة من العلل والامراض , حتى يشعر الفرد أنه أمين على الحياة السالكة إلى رفاه العيش , يوقف مسلسل الكدر و الهموم والأشجان ؟ أم أنه يبيع فقاعات هوائية او يزمجر بالرعود دون مطر , لا تنفع بل تضر , ولا تضمد الجراح وتسكت الوجع , ولا وتروي الظمآن , ان الكهنة الكركدن , شركاء أساسيين , في الإحباط والخيبة والانهزام في الحياة , كل مساعيهم الشرهة هي امتلاك صولجان مرصع بالدرر والجواهر , وكرسي العرش مرصع بالذهب والدولار , هؤلاء الكهنة هم غربان الشؤوم السوداء , يدفعون الحياة إلى الموت والحروب , تحت صلوات وتكبير حواشيهم وخدمهم واعوانهم , كلما بزغ بالظهور الكركدن لعامة الناس , تعلو صلوات والتكبير , وكلما عطس الكركدن , تعالت صيحات المجد والتعظيم ( – لتبقيك الالهة ذخراً , بك ومن اجلك تخضر الأرض وتتدفق المياه ويغني الرعاة !! ) ص12 , ولكن من المفارقات هناك بعض المجانين يسخرون من الكركدن ( بضحكات هسترية من هذا النفاق السريالي الممجوج والهزيل . 2- سردية : عباس الحافي : يقول عباس ( كلما رأيت , ذاك الذي نسجت , عنه الحكايات المليئة بالعجائب والغرائب , حتى اوصلته الى مستويات تقديس رفيعة , ايقنت ان التقديس رغبة تلاحق الإنسان ) ص17 . وعباس مجبول على الشيطنة والمشاكسة لكل شاردة وواردة , مجبول على العصيان والتمرد , ويبحث في الوجوه عن الملامح المخفية , ويعرف ان رعود الأقوال الرنانة , هي فقاعات هوائية بدون رصيد , مصحوباً بالأسئلة التي تسبب الصداع بالوجع , يلاحقها منذ خطواته الأولى منذ ان اصبح يتيماً , حروفها من نيران الحرمان والاهمال : الى ماذا يمكن أن نصل ؟ وكيف ومتى ؟ هذا ابن الطين السومري الاصيل , مشبع بالحزن والعذاب منذ سنوات عمره الاولى , غارقاً في حمامات الفقر , من دولة الكهنة العظام , الذين يتربعون على كرسي العرش المرصعة بالذهب والدولار . 3 – سردية : الديك وسام يستحقه . كل الحروب التي اجتازها ( مزهر عواد ) لم يقدم اية خسائر تذكر , انه مثل الديك المتيقظ على الدوام , وتشغله الحكايات والسوالف المعجونة بالاكاذيب وهذر والهذيان , ويدرك أن الدروب صعبة المسالك , ولم يشعر بالندم والإحباط ( الدروب التي سلكها ( مزهر ) والتي ما كان يعرف , لمَ وضعت بين يديه بندقية عتيقة , وأمر بأن يطلق الرصاص ما ان يسمع دبيب حشرة تبحث عن زاد , أو نباح كلاب ألتمت من اجل افتراس وليمة بشرية , بدأت تتفسخ , دون اعتراض , الأجساد تنغمس بتراب احزانها, حاسة بغرابة وجودها غير المجدي , يقف ( مزهر ) لائذا باذيال خيبته , متسائلاً عن كيفيات الخلاص من انتظار , لا يحبذ الجلوس مثل ولد صغير )ص47 . يشعر أنه في غابة متوحشة بين نباح الكلاب وعواء الذئاب , يتيقن أن لا خلاص ولا مخرج من الدهاليز المقفلة , وما عليه إلا أن يجر اثياب الهزيمة , فنهايته في تابوت مثل أي كلب سائب في الطرقات , في دولة الكهنة العظام , أو دولة الحمار الديموقراطية الحرة !! , لا اوسمة ولا نياشين , ليس مثل ديك الشاعر نزار قباني , في قصيدة : في حارتنا ديك : في حارتنا ديك يصرخ عند الفجر كشمشون الجبار يطلق لحيته الحمراء ويقمعنا ليلا ونهارا يخطب فينا ينشد فينا يجرح فينا فهو الواحد وهو الجبار . 4 – سردية : أكاذيب أنخيدونيا المقدسة !! . معابد ومنابر كهنة مرصعة بالنفاق والكذب , لا تصنع الحياة البشر , وإنما تنتج براعة الشيطنة والحيل والألاعيب مقرونة بأسم الله والدين والمذهب , وهذا الثالوث براء منهم , مثل براءة الذئب من دم يوسف . يتصورون بقناعة ذواتهم انهم مرسلين من قبل الخالق الاعظم , ان يكونوا أرباب الأرض ويتحكمون بمصير البشر والحياة , وتتطلع إليهم ( انخيدونيا المقدسة ) وتعرف ما هم إلا شياطين الكذب والخداع , يضحكون على العقول بأن وجودهم الخلاص والنجاة للبشر واخذه الى بر الأمان , مثلما يصدحون بضجيجهم وصخبهم في منابرهم . يتقمصون بشكل مدهش دور الثعالب الماكرة , ووجودهم هو الخراب والموت والمعاناة , انهم يريدون من البشر , احياء اموات , أو اموات احياء . يكنزون الذهب والدولار , وتدرك ( انخيدونيا المقدسة ) حجم الضرر والتلف للحياة والبشر ( المعابد لا تنتج ارباباً , بل تعمد الى استعباد الالهة ,وجعلهم وسائل رغبات الكهنة الموشومة بالانحطاط , وتمجيد شهواتهم العارية التي لبسوها مسوح التقديس , موهمين العيون الباحثة عن خلاص يوصلهم الى بعض رغيد العيش , بأن المعبد وكهنته هما الطريق الأسلم والوحيد ) ص109 , بهذا الدرك الأسفل من الهذيان يسوسون في صدور الناس , بأن التعويذات والحجاب والتراتيل على رائحة البخور واللطم والنواح , هي كافية ان توصل البشر الى بر الامان . تدرك ( انخيدونيا المقدسة ) حجم الرزايا والمعاصي والموبقات التي يمارسونها في أيديهم الناعمة والملساء كالحرير على معاناة البشر ( تجلس انخيدونيا , الغريبة الأقوال والشاهرة سيوف الأسئلة , أينما حط بها طائر الوقت , متأملة الساحات المحاطة بنصب وتماثيل الأرباب , وهم يهشون بأعصيتهم الملساء على غنم ومواشي الكهنة ) ص109 . كأنهم يتقمصون دور البلهوان في المسرحيات هزيلة الاعداد والاخراج , وحين يخرجون الى خشبة المسرح أو المنبر , يتعالى النباح والعواء , في مشهد دراماتيكي . سريالي / فنتازي في هوس مجنون ( الاضوية انطفأت … وتعالت الصرخات …….. يبوووووووووي المبتهج يضحك ….. الرصاص يتصاعد . البهلوان وعلى حين صدفة يجلس فوق العرش , منشداً ( أنا الآلهة فغني بذكري يا بقايا البلاد !! ) ص127 . يتصورون هؤلاء الكهنة هم الصفوة المختارة ارسلها رب العالمين الى البشر , لذلك يجب ان تقام لهم التماثيل والنصب من الذهب الخالص , وإذا أخذ الله تعالى أرواحهم الى جهنم , ان تكون مراقدهم مرصعة بالذهب . حتى تكون مفخرة لكل الشعوب والأمم . ولكن المجانين يداومون على صيحاتهم ( لسنا موتى …… لسنا موتى !! ) . جمعة عبدالله ‏Ένα συνημμένο • Σαρώθηκε από το Gmail ‏ Ένα συνημμένο • Σαρώθηκε από το Gmail

شارك مع أصدقائك