الحب = الحرية ما معنى تلك الكلمة؟ 

شارك مع أصدقائك

Loading

لبنى شعبان كاتبة سورية ولايف كوتش مقيمة بكندا

أنا أحبك!

اعتدنا تناقلها وتبادلها بيننا حتى غدت سطحية لا ندرك إن كنا نعنيها كلما نطقنا بها. أن نعتبر من الجيد تكرارنا لها والمرور عليها مرور الكرام دون التأكد من مكان صدورها.. أصدرت من الفراغ؟  أم من القلب؟ أم هي مجرد قيد نربط بها على حياة من نقرنه بها؟  أو لربما كانت مجرد مجاملات اجتماعية اعتدنا تبادلها من باب اللياقة والدبلوماسية ككلمة حبيبي.. وحبيبتي.. لنتبعها في قلوبنا بأوصاف قد لا نجرؤ على التلفظ بها… لكننا وبشكل فطري ندرك بأن الحب هو الأصل.  ذكرت دراسة علمية تم نشرها لدكتور تشابن أنه في عام عام ١٩٢٠ نسبة تتراوح بين ٩٠٪ و١٠٠٪ من الأطفال الرضع تحت عمر السنتين ماتوا خلال عام واحد من تاريخ دخولهم الميتم.  وذكرت الدراسة بأن الوفاة كانت بسبب حرمانهم من اللمسة الحنونة والعناق ومظاهر الحب (https://eipmh.com/they-could-not-live-without-the-love/)   فعلياً وحرفياً يمكن للحرمان من الحب قتلنا، لكن ما تعريف الحب لغة: بحسب Google: “الحب مجموعة متنوعة من المشاعر الإيجابية والحالات العاطفية والعقلية قوية التأثير.  تتراوح هذه المشاعر بين أسمى الأخلاق الفاضلة إلى أبسط العادات اليومية الجيدة.  المثال على اختلاف وتنوع هذه المشاعر هو اختلاف طبيعة الحب بين الأم والأخت عن حب الزوج وحب الطعام.  لكن وبشكل عام يشير الحب إلى شعور بالانجذاب القوي والتعلّق. ” وعند التعلق أقف.. اعتدنا في ثقافاتنا الاجتماعية على الخلط بين الحب الحقيقي والتعلّق.  نعم هناك بعض من التعلّق في الحب، ولكنه ليس الحب.  لطالما صُدّرت لنا قصص الدراما العربية والتركية والأجنبية على أحقية تعلّق المحب بمحبوبه حتى ولو كان الحبيب لا يرغب بهذه العلاقة.  وكثيراً ربطنا الحب بأحد نموذجين: الأول: التضحية بكل ما يسعد النفس ويزودها بالراحة في سبيل من نظن بأنهم أحق مننا بالسعادة كوننا نشعر نحوهم بالمسؤولية كالأولاد والزوج والأهل.  وهنا نكون وقعنا في التعلق بصورة الضحية وهو ظلم للنفس سنحاسب عليه. الثاني: العاشق الولهان الذي يلتصق بحبيبه ولا يكاد يسمح له بالتنفس من حبه وحصاره له.  وهذا يكون أيضاً بين الأهل والأولاد.  متناسين الاسم الحقيقي للحالة وهو النشوز. لا يوجد في هذه العلاقة رأي للطرف الآخر.  لابد أن ندرك أن في أي علاقة لكلا الطرفين الحق في أسلوب التعبير عن مشاعره، وعن قبوله أو رفضه هذه المشاعر من الطرف الآخر.   أما الآن بدأ شكل جديد للعلاقات بالتفشي في المجتمع، الحب الحديث. الحب الذي لا نضعه ضمن أي إطار أو شكل معروف.  الحب الذي ندعه يسرح بنا خارج الصندوق لنغرد خارج السرب.  الحب الذي لا يشبه غيره ،ولا نقرنه بأي سلكيات ولا توقعات ولا فرضيات.  لا أعرف إن كنت أسميه حباً لأنه مبني على فضاء لا نهائي.  أسلوب جديد ينتشر مع اعتمادنا على الانترنت والسوشال ميديا للتنصل من مقيدات حياتنا اليومية. أما أنا فأرى الحب بشكل مختلف.  يقول جبران خليل جبران في كتابه النبي: أن تحب هو أن تعود إلى منزلك عند المساء شاكرً: فتنام حينئذ والصلاة لأجل من أحببت تتردد في قلبك وأنشودة الحمد والثناء مرتسمة على شفتيك. لم تكن المحبة الحقيقية يوماً بقيد يشل الحركة ويحد من الأحلام والآمال.  الحب هو أن نطلق جناحي من نحب حتى يدور العالم ليعود سعيداً بحبه وعلمه.  فلا أرى خيراً في علاقة يتعلق فيها أحد بالآخر وكأنه حبل شدّ على عنقه.   الأول سعيد بامتلاكه لحبيبه والآخر يموت بسكون يوماً بعد يوم. في هذه الأيام وخاصة بعد انتهاء جائحة الكورونا بات الناس في ظمأ شديد للحب.  وظهرت علامات الوحدة عليهم نفسياً وجسدياً.  مما أعاد الكثير من الباحثين للتنقيب مجدداً في المناطق الزرقاء على كوكبنا، وهي التي تعيش نسبة عالية من سكانها فوق المئة عام بصحة ونشاط.  وأحد أهم القواسم المشتركة فيها هي العلاقات الاجتماعية، والروابط الأسرية المتينة، تبادل الزيارات، وتناول الوجبات، والمشاركة في النشاطات الاجتماعية عادات أبقتهم بصحة جسدية ونفسية وعقلية ممتازة.  سحرتني عجوز عمرها ١١١ عاماً من جزيرة سردينيا الإيطالية، تخرج في صباح كل يوم سيراً إلى المتحف لتدرب الراغبين في تعلم الغزل على النول اليدوي القديم.  في كل هذه التداخلات نرى أثر الحب واضحاً وإن اختلفت أشكاله.  وسنستمر بالمقالات القادمة بالبحث فيها خطوة خطوة مع بعض التدريبات لندرك أثر الحب وسحره في حياتنا.  دعونا اليوم نبدأ بخطوة واحدة وهي تحري الحب في كل ما نقوم به ونقوله.  أن نعمل بحب، ونتحدث بحب.  أن نطهو طعامنا بحب، ونتعامل مع من حولنا بحب.  أن نتعامل مع بيوتنا بحب.  وسنشهد النتائج قبل انقضاء عام من مسيرتنا معاً بإذن الله. ولنا في الحياة لقاء.. دمتم بحب

شارك مع أصدقائك