حوار مع : الرائد المسرحي الراحل حقي الشبلي

شارك مع أصدقائك

Loading

محمد صالح عبد الرضا

يعد الفنان العراقي الراحل حقي الشبلي (1913-1985) ممثلا لمرحلة رمادية في تأسيس المسرح العراقي وهو في الرابعة عشر من عمره ، ثم أسهم في تأسيس الفرقة الوطنية للتمثيل عام 1927 وقد وسع نشاطه خارج المدارس بتشكيل العديد من الفرق المسرحية ثم البدء بدراسة المسرح خارج العراق والعودة الى الوطن لبث الوعي المسرحي من خلال التدريس والتمثيل ، كما كان الشبلي أستاذا لرعيل الفنانين البارزين ويعود له الفضل في تأسيس معهد الفنون الجميلة بالاشتراك مع الفنان الراحل جواد سليم والفنان الراحل فائق حسن .

و في إحدى زياراته الى البصرة عام 1977 كان معه هذا الحوار .

v كيف ولد الينبوع الأول للفن في نفسك ..؟

v بعد ثورة العشرين عندما كنت طالبا في الابتدائية ولدت عندي الرغبة بالتمثيل و كان ان مثلت في مدرستي

v الجعفرية – و التفيض- في عام 1926 جاءت فرقة جورج أبيض الى بغداد وقدمت عروضها على قاعة سينما الوطني حاليا ، وقد طلبت من هاتين المدرستين طلابا (كومبارس) وتم اختياري لأمثل ابن أوديب الملك .

وبعد الحفلة رفعني وقبلني جورج أبيض أمام الجمهور . وكانت هذه الحالة محفزا لي للإقبال على المسرح . وقد أسسنا أول فرقة مسرحية في المدرسة أسميناها الفرقة التمثيلية التراقية – ثم غيرنا الاسم فصار الفرقة التمثيلية الوطنية .

v و ما هي دراستك الفنية عبر رحلتك مع المسرح ..؟

v قال لي عزيز عيد عليك ان تدرس في القاهرة فذهبت عام 1930الى القاهرة بعد إكمال الدراسة الثانوية فدرست في مسرح الأزبكية و مسرح يوسف وهبي ورجعت الى العراق ومعي بشارة واكيم و ألفنا فرقة حي الشبلي وزرنا المدن العراقية ومثلنا عدة مسرحيات أمثال (وحيدة) و (فتى بيت المقدس) و (في سبيل التاج) و (يوليوس قيصر) و (هاملت) و(شهداء الوطنية) و (فتح الأندلس) و (هارون الرشيد) و (جزاء الشهامة ) و (قاتل أخيه) و(الدموع اليائسة) وغيرها .

في نهاية عام 1934 ذهبت الى فرنسا ورجعت نهاية 1939 حيث كنت قد درست التمثيل والإخراج في أكاديمية كونسرفتوار ومسرح كوميدي فرنسية و مسرح الأوديون وتلقيت هناك دروسا في الأدب المسرحي وتاريخ المسرح و علم الهيأة و علم النفس و الديكور والمكياج ، وفي أوائل 1940 شاركت في تأسيس النشاط الفني المدرسي و من ثم معهد الفنون الجميلة .

v أبرز الشخصيات الأدبية والفنية التي لقيتها في القاهرة . . ؟

v الشاعر الكبير أحمد شوقي كان يحضر لمشاهدة مسرحية (كليوباترا) و عرّفني عليه عزيز عيد وقال لي في حينها أشتاق الى ان أزور العراق و أزيدك علما بأني عراقي ومن السليمانية وقد جاء جدي لأبي من السليمانية الى القاهرة لذلك أشعر أني دما و لحما من العراق .

كما تعرفت على توفيق الحكيم و محمد تيمور و محمد عبد الوهاب و زكي مبارك الذي زرت معه شوقي مرارا في قصر عابدين ، كما تعرفت على طه حسين والعقاد والمازني و أحمد حسين الزيات و خليل مطران و أحمد رامي و زكي طليمات و آخرين .

v كيف كانت حركة المسرح في المدن العراقية أبان الأربعينات .. ؟ و ما هي الأسماء الفنية التي اضطلعت بها .. ؟

v كانت هناك حركة زاخرة بالانتاجات المسرحية داخل معهد الفنون الجميلة و لدى الفرق المسرحية الأهلية وانتاجات المعهد ازدادت سنة بعد أخرى . وكانت البصرة تضم نخبة طيبة من الممثلين أمثال عبد الوهاب ناجي و عزيز الكعبي و زكي الجابر و أحمد الخطيب و الحاج علي العيسى وجاسم صكرة و كان نشاطهم لا يقل عن نشاط بغداد ، وكانوا جميعا ذوي مواهب .

وفي الموصل كان هناك يحيى قاف و ذنون أيوب ونوري أيوب و عبد العزيز القصاب و كان نتاجهم جيدا وفي العمارة كان هناك حركة مسرحية أذكر من أقطابها توفيق لازم وفي الناصرية كان هناك عبد الغفار وجدي وكذلك كان النشاط بارز في أغلب المدن العراقية .

v طيب أستاذ حقي ما هو موقفك من الفصحى بالمسرح . . ؟

v المسرح هو الأدب والشعر ، والشعر و الأدب ملاصقان للفن منذ القديم سواء كان المسرح شعرا أم نثرا ولكن ذلك لا يقلل شأن المسرحيات الشعبية المكتوبة باللهجة العامية المنقحة .

المطلوب ان تكون مسرحية من الأدب العالمي أو الأدب العربي مكتوبة بالفصحى مع الاهتمام بالمسرح الشعري . ولتكن المسرحيات الشعبية ذات اللهجة العامية المنقحة . وان القول بان المسرحية الفصحى لا تفهم يعد تذرعا عن الفشل كما ان إخراج المسرحية المحلية المكتوبة باللهجة الشعبية لا يقل صعوبة عن إخراج مسرحية فصحى حتى إذا أردنا ان نظهر المسرحية الشعبية بشكلها الطبيعي الذي يتناسب و بيئتنا .

v كيف يتطور الإخراج المسرحي عندنا . . ؟

v لولا الأجهزة الحديثة في الإدارة والتكنيك في هندسة المسرح الحديثة الجديدة لما استطاع المخرج ان يطور أو يتطور بالإضافة الى الدراسة العميقة والمتابعة لاسيما ان الفن كبحر وعلى الفنان ان يقرأ ويبحث و يتجدد وعبر حرفية المسرح وهناك عود على بدء في مسرحنا كما هو ثابت في المسرح اليوناني والروماني وهو ليس جديدا ، فالإخراج من القائمة موجود كما ان هناك تجديدات تمت بصلة لمسرحنا القديم .

v ماذا تعلمت من المسرح . . ؟

v تعلمت من المسرح الفرنسي الحياة والحياة هي حبي للفن بعمق وتعلمت كثيرا ، عليَّ ألا أقدّم أي عمل فني إلا بعد الدراسة العميقة والتفكير الطويل في كل إنتاج أحاول ان أقدمه على المسرح .

v من أي شيء يشكو المسرح العربي. . ؟

v انه يشكو في الوقت الحاضر من كثرة المسارح التجارية وغير الفنية ما عدا بعض المسارح في بعض البلاد العربية متمسكة بالناحية الفنية كأصالة ودراسة من خلال إسهام فنانين تأصلت في أرواحهم حب الفن والحياة والجمهور في الوطن العربي والقطر العراقي ذواق جدا وهو ذو حكم عسير . ولذلك على الفنان الحقيقي ان يخشى تقديم شيء من الفن الاستهلاكي ، وهذا ما علمت عليه طلابي في الأكاديمية وفي المعهد الذين هم أساتذة متمسكون بهذه المسألة الى حد بعيد .

v كيف هي حال المسرح العراقي الآن . . ؟

– في المسرح العراقي الحالي إنتاج كثيف وفي أكثر الأحيان جيد جدا وهو هادف ، لكن هناك هفوات تشكل مشخصات سلبية كالسرعة في الإنتاج وانعدام الدراسة المسرحية الجيدة من قبل المخرج وضمن ما يقدم من تأليف مسرحي وضمن الأداء على المسرح نتيجة أما ان المخرج ينسب بعض الأدوار الى الشخصيات لا تتلاءم معها أو أما انه بعيد عن روح النص المسرحي .

يجب ان يكون هناك إخلاص للفن فالفنان صوفي أولا وهذه قناعتي منذ الصغر ، انا متفائل من ان المسرح سيحقق نجاحات كبيرة في قطرنا الحبيب ، ويجب ان يكون الفنان دائما الى جانب الحق ولا يطغى عليه الغرور والحس المادي وان يكون مخلصا وشاعرا بمسؤوليته تجاه وطنه و أمته وفنه ومن حاد عن هذه النواحي فهو فنان تجاري .

وهناك اقتراح أرجو ان يؤخذ به وهو العناية بالمسرح البابلي أو المسرح الروماني الموجود في مدينة الحلة -بابل – والاهتمام بالمسرح الموجود في الحضر لتقدم عليه انتاجات فنية كما هو موجود في المسارح العالمية مثل مسرح _ أوراج _ في فرنسا و مسرح الأولمب في أثينا و مسرح الكوليزيه في روما و مسرح قرطاج في تونس . والعراق يمتلك مثل هذه المسارح الأثارية ذات الدليل لحضاري . ويمكن ان يستفاد منها في مواسم الصيف بالنسبة للجمهور العراقي والسيّاح .

v أنضج عمل مسرحي عراقي شاهدته . . ؟

– في هذه السنة (1977) لاحظت أحسن إنتاج قدمته الفرقة القومية للتمثيل في بغداد هو كان يا ما كان و مقامات أبي الورد و باب الفتوح .

وعلى صعيد المسرح المدرسي مسرحيات الأوبريت كانت البصرة والسليمانية عن أقدر المدارس لهذه السنة مع انتاجات أخرى كانت جيدة قدمتها محافظات أخرى.

وعلى صعيد المسرح الطلابي قدم معهد الفنون الجميلة ( مغامرة رأس المملوك جابر ) . أما أكاديمية الفنون فقدمت مسرحيتين هما (الشياح) و (كلكامش) .

v ما هي العوامل التي تساعد على إنضاج حركة المسرح في قطرنا . . ؟

– العوامل التي يجب ان تتوفر في الوقت الحاضر و بشكل أفضل هي تشجيع الفرق الأهلية العاملة وتشجيع الهواة في مراكز الشباب بالإضافة الى المسرح المدرسي و ما يقدم من مسرحيات موسمية البصرة

1977

شارك مع أصدقائك