حوار مع السارد المبدع شوقي كريم … حاوره : ثائر القيسي

شارك مع أصدقائك

Loading

حوار مع السارد المبدع شوقي كريم

حاوره : ثائر القيسي

 

طائر الفينيق الذي حلق فوق أزمنة القهر

الكاتب شوقي كريم حسن :

أنا ابن  التكوين السومري منه خرجت وإليه أنتمي

كل شخوصي الروائية والقصصية أعرفها وعشت معها

أنا منفلت جيلياً من حيث الأدب كلياً وأكره تصنيفي

القراءة تزيدني هياماً وأنا أبحث عن المغاير المجدد

يستهويني الشكل وتأتي بعده الأفكار

في المسرح تعرفت على أجمل الأحلام وأحلاها  القصة القصيرة

يمكن للكاتب أن يتمرد عن أي شيء سوى البياض والكتابة !

كيف احاور مشاكسا طالما اثار الاختلاف داخل الوسط الثقافي..يرى غير ما يراه الآخرون، ويعلن بصراحة وووضوح الآراء ويجادل نافيا بعض الثوابت الأيقونية، ويرى ان الحياة كتلة وعي متحركة، متغيرة..فلهذا لا داعي للدفاع عن ثوابت ستتحول ذات يوم الى مجرد تواريخ، فكم يستلزم من الوقت والجهد لمحاورة قامة أدبية وفنية اكتنزت بالثقافة والفكر منذ بواكير حياته المتشحة بوشاح الأحزان والقهر ومكابدات العيش في بيئة امتلكت كل شيء يدخل في صناعة الجمال لكنها حرمت من أشيائها قسراً حيث الطين السومري الأحمر والمنقوع بمياه الأهوار، ورائحة القصب والبردي وتلك المشاحيف التي تقطع مسافات مسطحاته المائية الزرقاء ..إنّه صائغ الرقم الطينية شوقي كريم حسن طائر الفينيق الذي ترك وراءه ازمنة القهر ليمسك بحاضره شمس حريته وسط أهوال النفي والإقصاء لكنه أبى إلا أن يثب فوق تلال الجمر الأحمر إلى حيث بغداد حاضرة النور وشعاع الحرية ..

شوقي كريم حسن المولع بخرائط الحروف قطع زمنه الأول في كتابة القصص بمخياله المنتج فاصدر أولى مجموعاته القصصية عام ١٩٧٧ بعنوان ( عندما يسقط الوشم عن وجه أمي ) فتوالت  مجاميعه القصصية منها ( رباعيات العاشق ) ( ليلة المرقد) ( قطار أحمر الشفاه) ثم تفتقت قريحته على الفضاء المسرحي بعد إتمامه للدراسة في كلية الفنون المسرحية ليلج باحة الكتابة النصية وكانت بواكير كتاباته المسرحية ( مالم يره الغريب عن الملحمة العراقية كلكامش) و( الموازن) و (ظمأ المفازة) و( دوي الفراغ ولكن) و( الوثوب الى القلب) وأخيراً مسرحية ( الموسيقى) ..

ومن تحولاته الفكرية في بداية الثمانينيات هي اقتحام عالم الرواية حين اكتشف في ذاته النضج السردي فكانت أولى رواياته ( مدار اليم) ثم كتب رواية ( قنزة ونزة) فرواية (لبابة السر) و(نهر الرمان – تجربة موت) و(فضاء القطرس) و( شروكية وخوشية وهباشون وهتلية وثغيب ) فضلا عن كتابة اكثر من240  مسلسلاً إذاعياً و15 مسلسلاً تلفزيونياً ..وعن المناصب التي شغلها عضو اتحاد الادباء والكتاب العراقيين لعدد من الدورات .وعضو نقابة الصحفيين وعضو نقابة الفنانين وخبير في دائرة الشؤون الثقافية وخبير في شبكة الإعلام العراقي، وله عدة مقالات وسرديات أدبية وفنية في عدد من الصحف العراقية والعربية .

التقيته ليسلط الضوء على مسيرته الأدبية وكذلك لمعرفة آرائه  بكل شؤون المشهد الثقافي والأدبي فكان هذا الحوار :

*أكيد في بداياتك الفكرية اختلطت لديك ملكات الكتابة سواء بالمسرح والقصة والمقالة . ترى كيف حسمت الاختيار بالأولويات من بين الاشتغالات التي كانت هي الأقرب إلى مخيالك ؟

ـ كان صراعاً عجيباً لا يمكن وصفه  بين الذات التي تريد تحقيق ما تحلم به وتصبو إليه والذات الأخرى الملفوفة بأكفان الفقر والقهر والانكسار.لاشيء يشدني إلى الحياة سوى الأمل الذي لم أكن أعرف عنه شيئاً محدداً فجأة اكتشفت القراءة بوصفها مرشداً مهما ومنها سحبتني إلى عالم مدهش هو خشبة المسرح،فكتبت مسرحية قصيرة وأسست فرقة مسرحية من شباب المدينة وأخرجت المسرحية دون أن أعرف ما يعني الإخراج، وكيف يمكن للإنسان أن يكون مخرجاً ..ومع الإخراج كان يجب أن اتعلم الملحقات، وأعني الإضاءة والديكورات، ولواحق العرض المسرحي الأخرى ..

ذهبت إلى المكتبات واقتنيت كتابين مهمين هما (إعداد الممثل) ، و(ستة دروس في فن التمثيل) ..كنت قارئاً نهماً حقاً،

وفي المسرح تعرفت على أجمل الاحلام واحلاها  القصة القصيرة..عالم تقودة بلطف ويقودك بقسوة..كتبت أول قصة

قصيرة جداً، ونشرتها في مجلة الإذاعة والتلفزيون ..وبدأت رحلة البحث والاكتشاف والمغايرة وأظن أن الاختلاط لا يزال قائما حتى اللحظة اختلاط يصارع بعضه بعضاً وأنا الضحية التي لا تستطيع التمرد..يمكن للكاتب أن يتمرد عن أي شيء سوى البياض والكتابة ،ذاك سجنه الأبدي ومجنون من يفكر بالخلاص منها !

*ما الذي كان يؤرقك في تحولاتك الفكرية من جنس أدبي إلى آخر ؟

ـ الشكل التقليدي الذي تعلمت منه الكثير وفككت أسراره للتعلم والوصول إلى  جذوره الحقيقية.

الشكل أول ما يستهويني،وتأتي بعده الأفكار كنت مغرماً بتشيخوف وعوالمه القصصية الدهشة. ثمة شخوص تتحرك وتشيد افكاراً وتناقش أحلامها وخيبات أملها ،،بقوة تعبيرية لا يمكن الفكاك منها،ومع تشيخوف كان الويجي براندلو معلمي في فن كتابة المسرحية ذات البعد النفسي والفلسفي، ومن عوالم هؤلاء كانت رحلة القلق تمضي مسرعة صوب الأدب العالمي. لم يستهوني ديوستوفيسكي كثيراً لكني جلدت

ذاتي من أجل قراءة كافة ما كتب

وإعلان عشقي الأبدي حتى أني أحفظ مقاطع من بعض روايته.

عالم الكتب والكتاب يصيب الروح بلوعة الاكتشاف كلما صرخت الروح وجدتها..تجد من يقف أمامك مبتسماً ملوحا برزم من عوالم أصبحت كتباً،حتى اللحظة لا أعرف إهمال الكتاب وتركه مهما كان بسيطاً أو قليل المعرفية. القراءة تزيدني هياماً وأنا أبحث عن المغاير المجدد.

تلك هي علتي التجديد والمغايرة والإيمان بالأفكار التي تجعل الإنسان قبس ضوء لا عتمة طريق.

*في مجمل نتاجاتك الأدبية في مجال الكتابة القصصية وسردك الروائي نجد أنك تحاول الغور في حياة الناس المهمشين .هل تعتبر أن هؤلاء كانوا أدواتك في مجابهة الأدب البرجوازي والارستقراطي ؟

ـ  أرفض بشدة إطلاق المسمى التهميشي على من عشت معهم، ورأيتهم بفخر كيف يصنعون الحياة من الفراغ..ما الذي تقصد بالمهمشين؟ أولئك الذين منحوا

البلاد أجمل أفكارهم وملأت حناجرهم الكون بالأغاني والموسيقى والرقص فدون هؤلاء ما كان للكون أن يعرف معاني النايات وفحواها فالهامش لا يصنع

حياة لأنه عاجز عن الابتكار والاستمرار هذا ما أقوله دائماً نحن أحبة الفقر الذي نخر ظهور الآباء والاجداد لكننا تحدينا ونرفض بشدة أن يقال عنا هامشاً

وأنا ابن هذا التكوين السومري منه خرجت وإليه أنتمي ،أدون حيواته وكل شخوصي الروائية والقصصية أعرفها وعشت معها، وأعرف كل ما يحيط بها من ضيم وقهر.. إذا كنت تصهر على الهامش فنحن هامش فاعل وهذا ما يجب أن نقوله ونكتبه.

*عن المسرح وإشكالاته البنائية . هل تعتقد أن ثمة نكوص في مهمة التأسيس البيئي للواقعية العراقية ؟

ـ المسرح في العراق يشكو أزمة كبيرة برغم ما نسمع من أخبار حول مهرجانات وجوائر وتهان.

الذي تعلمناه ونعرفه أن المسرح

للناس والمهرجانات أكاذيب استعراضية لاغير..جوائز تركن بعد حين وتهمل لا فائدة منها ..المسرح ساواه الفكر بالخبز والمسرح العراقي منذ تأسيساته الأولى ظل مع الناس وللناس لا يجب أن ننسى أعمال  توفيق البصري، وعلي حسن البياتي، ويوسف العاني، وبنيان صالح وصباح عطوان..وغيرهم الكثير..الناس تقف لزمن طويل ولأسابيع من أجل بطاقة دخول فما الذي حدث بعد الاحتلال..

لماذا غابت خشبة مسرح الناس؟

ومن يقف وراء هذا الانهزام المقصود ،لمَ توقفت الفرق الأهلية عن العمل واكتفت دائرة السينما والمسرح بدور الحملدار؟

أظن جازماً أن الأمر بقتل كل الجماليات العراقية فعل مقصود، ويراد منه تفقير الشعب جمالياً مثلما فقر التعليم وانهزم الطب وسادت فوضى الفساد..

الدولة التي لا تؤمن بالجمال ومكوناته دولة متوحشة ترتدي ثياب سود وهي عمياء!!

*النقد منهجيا قرين النص .كيف تقيمه خلال السنوات الماضية ؟

ـ لا مدرسة نقدية عراقية حتى اللحظة وكل نقادنا ينتمون نقدياً إلى غير عراقيتهم،إنَّهم وببساطة نقاد تجميع مستثنياً البعض البسيط،في بعض ما اقرأ عروض تعرف بالمكتوب ولا تنتمي إلى النقد،والعروض صحفية مشهورة ومعروفة عالمياً،الناقد العراقي كائن إتكالي سرقته أفكار الآخر فراح يلهث وراءها منذ الواقعية الاشتراكية حتى التفكيكية،ذات مرة قرأت لناقد  نقداً أورد فيه من الاستشهادات والتوضيحات

لأكثر من عشرين مفكراً وناقداً عربياً..بحثت عنه فيما كتب فلم أجد غير الروابط فقط.

الشعوب عبر تواريخها أنتجت مدارس نقدية بهوية وطنية إلا نحن..انشأنا نقداً يشبه  تلك المركبة التي اسميناها دك النجف !

*هل أنتَ مع مأسسة الثقافة في الإطار الإداري أم مع أن تكون الثقافة مطلقة في فضاءات إنسانية . وما هي حدود رؤيتك لأدلجة الثقافة ؟

ـ الدولة ليست دكاناً للاستشمار ولا تمنح تمويلاً للثقافة مهما كانت إلا وطالبت بمقابل،والمقابل يشكل ثقلاً على كاهل الثقافة، ويجعل المؤسسة هي من ترغب وتطالب وتريد..هذا ما حدث في الاتحاد السوفياتي. والأدب والفن الموجه ،وما نقله عبد الناصر إلى مصر حتى راحت المؤسسات هي من تقبل بهذا، وترفض ذاك ضمن شروطها السياسية لا الفنية وحين ظهرت سينما المقاولات عملت بذات المنهاج والتوجه،وفي العراق تجربتنا قاسية جداً ..كل شيء  كان قبل الاحتلال موجهاً، ولا يمكن أن يخرج من دائرة الرقيب السياسي بكل تعليمات الساسة،فالفن الذي لايخدم توجهات السياسي فن ممنوع ومشطوب عليه،أما بعد الاحتلال فالأمر مدهش حقاً نحن ننتج فناً دون أن نراه..نحن نقدم سينما لا يراها الناس..نحن نغني خارج البلاد ونحن نكتب روايات وقصص دون أن يطلع عليها أحد وتمر مرور الكرام ..نحن شعب حطمت السياسة أحلامه الجمالية..وأنا شخصياً لا أرى ثمة ضرورة  للمؤسسات العاجزة عن إيصال الثقافة غير المؤدلجة إلى الناس..تصور مئات الكتب في المخازن، ولا يوجد تفكير بإحياء المكتبات العامة ودعمها..العلة كل العلة في تشظي المصالح وغياب الثوابت الثقافية التي تعنى بالإنسان  وتحاول الرقي به.

*في أغلب نتاجاتك الروائية تنوعت في أساليبك السردية التي تراوحت بين الشعر والفلسفة مع احتوائها على تضمين ألفاظ وجمل تدخل في إطار اللهجة المحلية المستخدمة في أعماق الجنوب . فهل يأتي هذا كونك ابناً لهذه البيئة الاجتماعية ؟

ـ لم آت بجديد أن خلت الحياة التي هي زادي المعرفي والجمالي من الفلسفة و الحكمة والانكسار والحب فما الذي يتبقى منها..أنا سارق عاشق،،تمنحني تأملاتي  نظماً مدهشة ،قد تأتي صدفة لتكون داخل النص المكتوب..

دلني على إنسان واحد في بلادنا

لا يتفلسف ولا يحزن ولا يبكي ولا يرقص ولا يحتج ..الأمر أراه هكذا وشخصياً تهمني الشخصيات التي تثير جدلاً داخل محيطها المضطرب كما في رواية (ثغيب) حيث جعلت من مثل بسيط رواية أثارت جدلاً فيها من الاحتجاج مافيها،(جبر) بطل الرواية كان محوراً جدلياً ظل صامتاً طوال مساحة السرد وفصولة لكنه في اللحظات الاخيرة تكلم ماحياً كل أوهام العقول،.وجبر نموذج موجود وأراه يدمن فقره ويحاور المجهول لائماً،لا أدري كيف يكتب البعض دون الانتباه الى ضروريات السرد وأهمها الحياة بكل تناقضاتها وآثامها وحروبها؟

*كتبت نصوصا عديدة للمسرح وأخرجت منها عروضاً مسرحية عرضت أمام الجمهور . هل ترى أنك قلت عبر نصوصك كل ما أردت قوله ؟

ـ المسرح خرابي النفسي وأنا حزين من أجله اتمنى أن يعود الى الشارع إلى أحضان الناس.

في كل ما كتبت لم أقل كل شيء هناك الكثير الكثير الذي يجب أن يقال، ويقدم لتعرفه الناس.. أكره عروض اليوم واليومين،لهذا نحتاج إلى مسرح شارع فاعل، وعند ذاك ستجدني ابنا باراً للمسرح وفي الجعبة أكثر من أربعين مسرحية جمعتها في كتب

وسعيد حين عرفت متأخراً أن جامعة الموصل افتتحت موسمها بمسرحيتي أميدوس وأبهجت الشارع الموصلي..

*وجدت في الكثير من الكتابات والمناسبات كاتبا مشاكسا ومتضاداً مع فكر الآخر . هل يمكن أن تحدد على وجه الدقة أسباب التضاد ؟

ـ الفعل الكتابي إن لم يحمل معه المغايرة والتضاد مع الآخر لا يمكن أن يصمد وتبقى الكتابة

فهماً تحليلياً للمجتمع وغاياته،والكاتب الذي لا يرفض الثوابت التقليدية ويسعى إلى ابدالها بما هو حيوي وجديد يسهم في تأسيس جماليات المتلقي والمجتمع،هذا كاتب غشاش يتعامل مع متلقيه بحرفية تقليدية،هل تجد معي ثمة فائدة في تقديم مسرحية تتحدث عن الحرب كما يعرفها المتلقي،هل ثمة ضرورة لكتابة رواية عن أيام عاشها الناس دون الكشف عن سريات لا يعرفها أحد ..قلت مرة: إنَّ السرد والسارد أخذا دور المؤرخ الخائن السلطوي ،وأخاف جداً أن يرتدي السارد ثياب الخونة بأمر من السياسي،.تلك واحدة من العلل التي نقلتني الى التضاد والبحث عن جديد مغاير في لبابة السر التي قال عنها فاضل ثامر: إنها ملحمة العراق الثانية،فعلت ما لم يفعله كاتب عربي آخر..كل الذي كتب قبلاً أن الكاتب يذهب الى التاريخ ليأخذ ما يريد وما يرغب،فاناعملت المغاير المختلف، أخذت حاضرنا ورحلته الى التاريخ بكل إشكالياته،مما جعل الرواية محط أنظار النقد عراقيا وعربياً.

*شهدت الحركة الأدبية في العراق وعبر اتحاد الأدباء طبع وإصدار مؤلفات تنوعت في خصائصها . فكيف تقيم هذه التجربة من خلال التعريف بالفارق بين النوع والكم ؟

ـ ما فعله اتحاد الأدباء والكتاب فعل مهم وغير مسبوق. ،،لهذا باركت التجربة بل وأصدرت روايتي (ثغيب) من خلال هذه السلسلة الإبداعية المهمة.

ثمة الكثير من الأسماء والكتابات التي أثرت المكتبة الإبداعية عراقياً وعربياً ،ولكن على الاتحاد أن لا يفكر بالكم فقط وأن يكون أكثر حذراً في تقديم الكتاب للمتلقي،هناك مما اطلعت عليه ضعيف ولا يستحق علامة الاتحاد وهناك ما نقف له إجلالا واحتراما والأمر الثاني هذه السلسلة عرفتنا بأدباء شباب جدد لولاها ما عرفناهم واطلعنا على ما يكتبون.

*من مراحل الأدب الكلاسيكي وما أحيط به من تحولات سياسية ومتغيرات اجتماعية لاسيما وأنَّ رموزه الأدبية عملت على جانب من تطوير الكتابة باتجاه تحديث الأدوات . هل ترى أنَّ المنظور الكلاسيكي بقي ماثلاً لما بعد رحيل هذا الجيل الإبداعي منه على صعيد الشعر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي، وعلى صعيد الرواية والقصة محمد خضير، ومحمود بريكان، وبلند الحيدري، ومحمود جنداري، وموسى كريدي، وفؤاد التكرلي وغيرهم ؟

ـ في هذه اللائحة من الأسماء لايمكن أن تجد مجدداً مبتكراً بمفهوم التجديد والابتكار..

السياب ماكان مجدداً بل تأثر بالشعر الإنكليزي وقلده فنجح، وإن كنت أجده في الشعر العمودي أجود من شعره الحديث،في بعض قصائد السياب سذاجة شعرية واضحة..وقصائد سياسية مدفوعة الثمن، وهي التي فعلت روح الانقلاب الفكري لديه..أما كتاب القصة القصيرة فهؤلاء منذ الأوائل منهم وأعني محمود أحمد السيد وذي النون أيوب وغيرهم ما كان يفعلونه هو نقل الشكل الكتابي التركي أولاً والآتي من الغرب ثانية ثمَّ حشوه بحكايات مؤدلجة خالية من الفن..طوال تاريخ الأدب في العراق ظل خالياً من الابتكار والتجديد ،كلما جاءت الترجمة بكاتب أو موجة مجددة في الأدب العالمي سعى إليها كتاب السرد في العراق مقلدين بوضوح التقليد..وستظل الفكرة قائمة لأننا لاندخل مختبرات ذواتنا ونحثها على مغايرة المألوف عراقياً وعربياً..كلنا..كلنا خرجنا من معطف الأدب الغربي دون أن نضيف له ما يدهش الغرب ويجعل كتابه يقلدون ما نكتب..

محنتنا عقلية لا خلاص منها أبداً ..

*أين تضع ادبك بين الأجيال الأدبية ؟

ـ الأجيال الأدبية خدعة أعلنها أحدهم ذات يوم ستيني فانتشرت مثل نار في هشيم ،دون تأمل بقصدية الجيل وكيفيات التعامل معه،هل هو عقد زمني مثلاً أم عقد كتابي تتطابق أفكاره الكتابية والزمن الذي نمى وترعرع داخله..لا أظن أنَّ للمتنبي جيلاً ولا للحسن بن هاني ولا الجواهري .. وعني أنا منفلت جيلياً من حيث الأدب كلياً وأكره تصنيفي أما زمناً فأنا وليد سبعينيات القرن المنصرم حيث كانت البداية،وكتابة تمردت على من سبقوني تمرداً تاماً لا أشبه منهم احداً ولم يشخص أحد أنَّي تشبهت بكاتب من الأجيال التي سبقتني،برغم أني عاصرتهم وكتبت عنهم وحفظتهم على ظهر قلب..

*هل تتوخى من الجيل الأدبي خيراً لمستقبل الأدب في العراق أم لديك تحفظات في قناعاتك بما ينتجونه ؟

ـ ما يكتب وينشر اليوم  معظمه وبسبب أدوات التواصل الاجتماعي لا ينتمي إلى الأدب بشيء وخاصة في مجال الشعر..

أما السرد القصصي والروائي فمطابعنا لا تتوقف عن إنتاج الكتب.والمحنة أن

الكثير من هذه الإصدارات لاتجد قارئاً واحداً..وبرغم هذا أنا مع الكم ومبتهج له لأنه مع نضج التجربة وتطورها لابدَّ وأن ينتج نوعاً متميزاً..نحن نراقب المشهد ونشخص بعض عيوبه واهمها العجلة في النشر..  ونشخص كتاباً جدداً سيكون لهم شأن في قابل الأيام .

*************

 

شارك مع أصدقائك