*-الواشي
شهرزاد الربيعي
قد يكون ذهابها الى قاعة العرض حيث قرر أن يكون معرضه, وهو أول معرض له بعد تخرجه, رحلة خاتمتها غير أكيدة, وقد تشكل خياراتها الفرق بين الموت والحياة, لكن أن تكون هي فرد من مجموعتها عليها أن تكون شجاعة أولاً, قوية ثانياً, وثالثاً أن لا تنسى الشرطين السابقين, دخلت القاعة عندما كان يجري لقاءاته مع الأعلامين بفخر وزهو, بدى لها وكأنها تحلم بارادتها, عندما رأت تحليق الناس حول اللوحات مثل فراشات, يستحسنون أعماله وفنه, نفس لوحاتها التي رسمتها والتي سُرقت يوم اعتقالها بسبب خروجها للتظاهرات مع طلاب كليتها حيث كانت زميلة له, ولم تنتبه لوجوده, الا يوم اعتقالها, في ذلك الوقت تذكرت أمها التي كانت تقول لها ستقعين في ما لم تنتبهي له, وفي غرفة التحقيق حيث صُفتْ هي ومجموعة من زملائها, كان يقف بعيداً محاولاً اخفاء وجهه, لكنه لم يستطع أن يتفادى نظرة الاشمئزاز والعطف عندما رمقته وهي تتلقى صفعات وركلات من رجال بالزي المدني امام زملائها المكبلين والعاجزين, وقف ينظر باستخفاف لما وصل اليه حالها وهي تنظر اليه بتسامح عدواني, متقبلة أسوء مخاوفها بشجاعة, لقد كان هو الواشي, واليوم تقف أمامه, لتلوح له من بعيد وكأنها تلوح براية استسلام, حدثت نفسها : _ يؤسفني أن كل شيء أعمل عليه وأجتهد لفعله, يعود لمستقبل لم يعد موجوداً . احتضنت حقيبتها محاولة أن تتحسس جواز سفرها داخل الحقيبة وأستدارت لتغادر تاركة ورائها, لوحات وألوان .
*-قصة قصيرة من كتابي ( تانغو قصص قصيرة ) عن دار امل الجديدة للنشر والتوزيع ٢٠١٦