*حاوره
رئيس تحرير مجلة المزمار
التي تصدر في النمسا عبد الكريم البليخ
. حين تتحول الكتابة إلى ريشة ثانية
ستار كاووش:
الفن لا يحتاج إلى ترجمة و دوره يكمن في بناء جسور بين الثقافات
*الفنان يكشف عن أسرار تجربته وسر لوحاته التي تعيش في عوالمها الخاصة
*الكتابة هي الرئة التي يتنفس بها حين يغفو باليت مزج الألوان
*اللوحة لا تحل المشاكل لكنها تُشير إليها .. وهي الطريق إلى الجمال والتأمل
*يعيش داخل لوحاته ويبوح بشغفه الفني ورؤيته الفريدة
* المرأة والطبيعة في قلب لوحاته تتحدث عن مشروعه الجديد
…..
يحاول تصوير الأشياء والتفاصيل الصغيرة .. واللجوء إلى الرسم بالكلمات بدلاً من الألوان عبد الكريم البليخ في رحلة بين تفاصيل الفن وأصداء التاريخ، يحضر الفنان التشكيلي العراقي ستار كاووش كصوت عالمي يحمل في طياته جماليات الماضي وروح الحاضر. من لوحات برويغل في متحف فيينا إلى تماثيل لاكومب في قصر الفنون بليل، ومن بوابة عشتار إلى أزقة التاريخ الفلامنكي، يرسم كاووش خريطة شخصية تشبه لوحاته؛ نابضة بالألوان، التفاصيل، والحكايات. في هذا الحوار، نقترب من عالم كاووش؛ نستكشف رؤيته الفنية، ارتباطه بالجذور، وشغفه بالجمال الذي يجمع الإنسانية عبر الأزمنة والثقافات. الفنان التشكيلي ستار كاووش شغوف بالفن وتاريخه، حيث يتجول في المتاحف والمواقع التاريخية بعين باحثة وشاعرية، متأملاً التفاصيل الدقيقة في الأعمال الفنية والبيئات التي تحتضنها. يظهر ارتباطه العاطفي بالماضي الفني في حديثه عن الحقب التاريخية المختلفة، من بابل إلى عصر النهضة والفن الفلمنكي الباروكي. كاووش ليس مجرد متلقٍ للأعمال الفنية؛ بل يلتقط أدق التفاصيل التقنية، مثل استخدام الخطوط والألوان والخامات، ويبحث في خلفيات الفنانين والمدارس الفنية. كما يعبّر عن مشاعر شخصية عميقة تجاه الأعمال التي يشاهدها، مثل تحفته العاطفية عند رؤية “الأسد العراقي” أو لوحات برويغل. رغم عيشه في بيئات عالمية، يظهر كاووش ارتباطاً قوياً بجذوره العراقية، كما في لحظته الحميمية مع “الأسد العراقي”. يتمثل هذا الإخلاص في تقديره للإرث الثقافي العراقي وعمله على إبراز حضارته بطرق تثير الإعجاب. ينظر كاووش إلى الجمال في كل شيء، من اللوحات الشهيرة إلى التفاصيل البسيطة مثل مفاتيح الأبواب أو الزخارف المعمارية. لديه حساسية عالية تجاه الألوان، المواد، والحكايات التي ترويها كل قطعة، ويظهر ثقافة فنية متعمقة، تتنوع بين المدارس الكلاسيكية، الانطباعية، الرمزية، وفن ما بعد الانطباعية. يعكس ذلك اطلاعه الواسع على أعمال فنانين عالميين مثل غوغان، مونيه، برويغل، ولاكومب، وإلمامه بخلفياتهم التاريخية. لغة كاووش الكتابية مليئة بالصور الشعرية التي تجسد إحساسه الفني، ما يبرز شخصيته كمبدع قادر على استخدام الكلمات كأداة تعبير موازية للريشة والألوان. “العرب” التقت الفنان التشكيلي ستار كاووش، في مرسمه في هولندا حيث يقيم،
وسألته عن سرّ هذا الالهام الذي يحيط به في الولوج إلى عالم الفن التشكيلي؟
يقول: “أعتقد أن واحدة من أهم لحظات حياتي، كانت حين تعرفتُ في صباي على مجلة سمير المصرية التي كانت تصل أعدادها الى العراق، فالقصص المصورة الساحرة والرسومات التي كانت تنشرها كانت بمثابة النافذة السحرية التي غيرت حياتي في ذلك الوقت. في تلك الأيام البعيدة لا شيء يوازي الخيال الذي منحته لي تلك المجلة التي كنت أعتبرها أعظم كنزاً أحصل عليه، انها المنارة التي هدتني الى عالم الرسم”. وعن انعكاس الثقافة العراقية ومدى تأثيرها في اسلوبه الفني، يضيف: “الأسلوب الفني هو مزيج من تفاصيل ومراحل وتأثيرات متعددة. هو ثقافة الفنان وكل مرجعياته، بل هو روح العمل الفني الذي يقدمه الفنان، وإذا كان الكثير من مشاهير فناني العالم قد تأثروا بالفن العراقي القديم وإستلهموا جمالياته، فأنا أيضاً إستلهمتُ طاقته الروحية بطريقة تناسب رؤيتي الفنية وتقنياتي. العمق العراقي الموغل بالقدم هو أساسي الذي إنطلقتُ منه لتأسيس عالمي الشخصي، وهذا لا يعني أن أعيد نفس الأشكال والملامح والهيئات وأُحاكيها حرفياً، بل أجعلها الأساس الذي أنطلق منه. ويمكن لمتتبع لوحاتي أن يتحسس بشكل أو آخر تأثيرات عوالم بغداد ومناخات ألف ليلة وليلة، لكن بطريقة حديثة”. وسألنا التشكيلي العراقي ستار كاووش عن أثر الهجرة أو الغربة على مساره الفني؟ وكيف تغلب على التحديات التي واجهته؟ يقول “الفن بشكلهِ العام شيئاً فردياً عليك أن تقوم به بنفسك، والغربة تمنحك هذه الفردية العالية التي تحتاجها لتنطلق للأمام، وهنا عليكَ أن تهضم المناخ الجديد الذي وضعت قدمك فيه وتستثمر كل معطياته. التحديات بشكلها الواسع موجودة في كل مكان وزمان، لكن مع ذلك فالطريق مفروش دائماً بالزهور لو أردنا ذلك، وهذا يأتي بالعمل والتفاني وإيجاد الحلول والإنسجام مع العالم الجديد وعدم التوقف عن المحاولة، وبالتأكيد أنت بحاجة لبعض الحظ والفطنة والإمساك بالفرص المناسبة”.
أهم الخصائص التي تتميّز بها أعماله عن غيره من الفنانين التشكيليين؟
يشرح “بعيداً عن الأسلوب والتقنية وروح التفاؤل في أعمالي، أرى أن هناك الروحية أو الطابع الشخصي الذي ينبثق من لوحاتي، هناك لمسة ما، تجدها وتتعرف عليها في كل أعمالي. فحين أرسم لوحة لرجل وامرأة في حالة خاصة، أو أرسم بورتريت، أو منظر للطبيعة أو حتى مشهد للمدينة، فأنت ترى أن كل هذه التنويعات أرسمها بطريقتي الشخصية وطابعي الخاص. الابداع هو أن لا تعيش قرب لوحاتك، بل تعيش فيها وتجعلها تتنفس ذات الهواء الذي تستنشقه وأنت تدخل باب المرسم”. أمام كل عمل أتعلم شيئاً جديداً وما الذي دفعكَ للكتابة عن زياراتك للمتاحف الأوروبية؟ وكيف ترى العلاقة بين الكتابة والفن التشكيلي؟ يقول “أعيش في أوروبا من أكثر من ثلاثين عاماً، وزيارة المتاحف هي إحدى الممارسات التي لا يمكنني التوقف عنها، فهؤلاء الفنانين الكبار يمنحونني الطاقة للمضي في هذا الطريق الملون والجميل… والصعب أيضاً. في الفنون والابداعات عليك أن تَطَّلِعَ على إنجازات الآخرين لتعرف أين تضع قدمك، أن تنظر الى أعمالهم بإعجاب كي تضيء طريقك بشكل جيد، عليك ان لا تتوقف عن فتح النوافذ التي تطل على أعمال الأساتذة الذي أمسكوا الفانوس وساروا أمامنا ليضيئوا لنا الدرب. وبالنسبة للكتابة، أتذكرُ أول أيامي في هولندا، حين تعرفت على أحد الهولنديين وسألته عن المجلات الفنية التي تصدر في البلد، فكتب لي على قصاصة صغيرة اسماء مجلات مثل تابلو وأتيليه وباليت، عندها لم أستطع شراء الأعداد الجديدة لأنها غالية الثمن، فصرتُ أقتني الأعداد القديمة من مجلة أتيليه، وأتطلع فقط الى اللوحات المنشورة لأني لم أكن أجيد اللغة الهولندية، والآن أنا أكتب عموداً ثابتاً في مجلة أتيليه ذاتها وباللغة الهولندية. عليكَ أن تضع أهدافاً لحياتك أو مسيرتك، وتمضي لتحقيقها. الكتابة والقراءة شيئاً أساسياً بالنسبة للفنان، وتَعَلُّمَ لغة أي بلد هو المفتاح الذي تدخل من خلاله الى ثقافة وحياة هذا البلد“.
عن أكثر اللحظات أو القطع الفنية التي أثَّرتْ به كفنان خلال زياراته للمتاحف؟
يتابع حديثه “أمام كل عمل فني جميل أقف مندهشاً لأتعلم شيئاً جديداً عن الابداع، وأتأمل سرّ هذا الجمال والعبقرية التي تقف وراء الأعمال الفنية. أول كتاب فني اشتريته في صباي كان حول أعمال ريمبرانت، كنتُ أتصفح الكتاب منبهراً بلوحته (الحراسة الليلية)، وبعد سنوات طويلة حين وصلتُ الى هولندا ذهبتُ الى متحف رايكس مباشرة، لأجد نفسي وجهاً لوجه أمام هذه اللوحة العظيمة بحجمها الطاغي وتقنيتها الفريدة، عندها تساءلت مع نفسي (ماذا فعلتُ في حياتي كي أحصل على مثل هذه اللحظة الاستثنائية؟) كانت لحظة لا تُنسـي بالنسبة لي، والمفارقة أن التلفزيون الهولندي استضافني بعد فترة حيث وضعوا واحدة من لوحاتي (مؤقتاً لغرض التصوير) في الصالة المخصصة لريمبرانت وقريباً من الحراسة الليلية. أتذكر أيضاً حين هممتُ بالدخول الى متحف تاريخ الفن في مدينة فيينا، وانتبهتُ الى أن بطاقة دخول المتحف قد طُبع عليها عمل عراقي قديم من الفترة البابلية يمثل أسداً مزججاً من بوابة عشتار، وكانت هذه من أشد لحظاتي سعادة، حيث اختار المتحف هذا العمل العراقي من بين آلاف القطع الفنية التي يملكها، ليضعه على تذكرة الدخول”. وإذا ما انتقلنا إلى ما تتصف به مقالاته بلغة أدبية راقية ومشاعر متدفقة.
نسأله كيف تمزج بين الفنان التشكيلي والأديب في داخلك؟
يقول كاووش “الكتابة بالنسبة لي هي الرئة الأخرى التي أتنفس بها حين يغفو باليت مزج الألوان، وأحاول دائماً أن أصور الأشياء والتفاصيل الصغيرة بعين الرسام الذي بداخلي، أي أرسم بالكلمات بدلاً من الألوان. أحاول الكتابة بطريقة سهلة وبسيطة دون حشو أو كلمات زائدة، وربما يعود ذلك الى العمود الذي أكتبه منذ أثني عشرة سنة في جريدة المدى. أرسم كل يوم وأكتب كل يوم، ولا أتوقف عن ذلك حتي عند ركوب القطار أو السفر حيث أدون الملاحظات الصغيرة، وأُنفَّذُ التخطيطات السريعة”.
*كيف تُعيد صياغة التجارب الجمالية التي تعيشها في المتاحف إلى لوحاتك الفنية؟
ـ “أولاً أحاول أن لا أنجرف نحو انطباعي الأول أمام الأعمال الفنية، وأجرب الدخول اليها شيئاً فشيئاً، أُحَمِّلُ نفسي عناء الانتظار أمامها، لأفهم سر الخطوط وتناغمات الألوان وتوازن المساحات، وقبل كل هذا أتأملُ التكوين، الذي هو أساس بناء العمل الفني، بعدها أحاول الانتباه الى مسحة الغموض والرمزية التي تُخفيها بعض الأعمال الفنية. العمل الفني الجميل يشبه الشمس التي لا يوجد تفسيراً واضحاً لجمالها، هو مثل حقل مليء بالزهور التي يمكنك أن تشم عطرها، لكنك لا تعرف كيف انبثقت بكل هذا الجمال والثقة! بالنسبة لي، مع كل لوحة جديدة أرسمها عليَّ أن أستعمل الكثير من المعالجات والتقنيات لأصل الى النتيجة التي أريدها، فلا شيء يأتي عفو الخاطر، فأنت لا يكفيك أن تُحب امرأة جميلة لتكون عاشقاً، بل عليك أن تستعمل كل حيلك الجمالية لتدخل قلبها أولا”ً. الفن يشذب الروح
*كيف ترى دور الفن كرسالة سامية؟ وما هي القيم الإنسانية التي تسعى للتعبير عنها من خلال أعمالك؟
ـ “إن كانت هناك ثمة رسالة للفن فهي رسالة جمالية بالأساس، فالفن يشذب الروح ويقوي العاطفة ويجعل حساسيتنا يقظة ازاء الأشكال والألوان وعلاقتها مع بعضها، وهو فوق كل ذلك معادل جمالي لصوت المدافع وعنف الحروب وقمع الانسان. اللوحة لا يمكنها في الغالب أن تحل المشاكل الموجودة في العالم، لكنها يمكن أن تُشير اليها، العمل الفني يشبه فتاة صغيرة لا يمكنها الوقوف بوجه صوت المدافع، لكنها تنام وتلعب وتحلم أجمل من كل مشعلي الحروب. بالنسبة للوحاتي، فأنا أحاول أن أمنح المتعة للمتلقي، أن يجد هذا الانسجام بين درجات اللون وتقاطعات الخطوط، نحن كلنا نحتاج الى الانغماس ببعض المسَرَّة ونحن نتأمل عملاً فنياً، كما لو أن طير السعد يُحَلِّقَ فوق رؤوسنا. وهذا ما أحاول أن أعكسه على سطوح لوحاتي”.
وعن الدور الذي يلعبه الفن في الحوار الثقافي بين الشعوب؟
يجيب الفنان التشكيلي ستار كاووش “الفن هو المفتاح الذي يجعلنا نتعرف على الآخر بشكل جيد ومناسب، فمن خلال الرسم والنحت والعمارة والموسيقى وغيرها من الفنون، ندخل الى روح مجتمعات هي بعيدة عنا أو تبدو كذلك. والفن التشكيلي بشكل خاص لا يحتاج الى ترجمة لمعرفة ماهيته وقوة تأثيره، فالأشكال والألوان والتركيبات هي التي تقول كلمتها الجمالية في النهاية. فنحن عرفنا أزياء وبنايات وتفاصيل الحياة وكل أدوات عصر النهضة مثلاً من خلال لوحات الفنانين في ذلك الوقت. من جانب آخر، أن الكثير من فناني أوروبا قد زاروا الشرق وأنتجوا أعمالاً فنية مذهلة ومشرقة وبموضوعات جديدة جعلتهم ينظرون الى التفاصيل من زوايا مختلفة، وقد نقلوا كل ذلك الى أوروبا. فالفن كان وما يزال هو الباب الحقيقي الذي يجب أن نفتحه لرؤية الآخر بشكل أفضل. وبالنسبة لي ليس اعتباطاً أن أحد معارضي الأخيرة التي أقمتها في هولندا أسميته (بغداد في الشمال) والذي مزجتُ فيه عوالم بغداد الشرقية مع مناخات هولندا الغربية، وبذلك أصبحت لوحاتي مثل فطوري الصباحي حيث أضع الجبنة الهولندية وسط الخبز العراقي وتناولهما معاً كشطيرة في الصباح”.
*وكيف تُسهم أعمالك الفنية في إبراز الحضارة العراقية القديمة وارتباطها بالفن المعاصر؟
ـ “كفنان، عليَّ استلهام حضارتي القديمة واستنباط معالم الجمال فيها، معرفة مكامن السحر والقوة التي تكتنفها، ثم المضي في طريقي محملاً بهذا الأرث، كي أجد لي موطئ قدم في هذا العالم. لا يمكن أن أنظر للحضارة العراقية بشكلها المباشر ولا يجب أن أحاكيها حرفياً، بل أستند عليها كجدار عند حاجتي للوقوف. وبالنسبة لارتباط ذلك بالفن المعاصر، يمكنك ان تشاهد المنحوتات الآشورية وكيف تجاوزت الزمن وأصبحت مُلهمة في كل العصور. هناك قوة في تلك المنحوتات لا يمكن إهمالها وهي مزيج من السحر والقوة والفتة والغموض. انها الجمال الذي يضيء الروح والعقل والقلب. هي اختصار للجمال”. مواهب كثيرة بحاجة للصقل
*هل تعتقد أن الفن يستطيع مواجهة التحديات؟ وكيف يمكن للفنان أن يكون جزءً من التغيير؟
ـ “الفن بشكل عام لا يستطيع مواجهة التحديات التي تحدث في الحياة والمجتمع، وهناك استثناءات طبعاً منها ما قام به التعبيريون الألمان حين تصدوا -في السر غالباً- للنازية، ليطلق النازيون وقتها على أعمالهم تسمية (الفن المنحط) ومنعوا عرض أعمالهم ووضعوا بعضهم تحت الحراسة ومنعوهم من الرسم. وضمن هذه الاستثناءات توجد في تاريخ الفن أعمالاً عظيمة ومؤثرة مثل غورنيكا بيكاسو، لكن هذه الأعمال جاءت بدعم من مؤسسات، منظمات، أو حتى متاحف أو دول. فحتى يكون لديك نصب برونزي مؤثر مثلاً، فيجب أن تدعمه الدولة وتضعه في إحدى الساحات، كذلك إن كانت هناك فكرة لجدارية كبيرة من الموزائيك مثلاً… وهكذا. وبرأيي الشخصي حين يتفانى الفنان في عمله، فهو يكون بشكل أو آخر جزء من التطور، فالفنان عموماً لا يسعى الى التأثير في تاريخ العالم، بل في تاريخ الفن، وهذا الجانب مهم ويُشكل خرزة ثمينة في قلادة التطور العام”.
*هل تعمل حالياً على مشاريع فنية أو كتابية جديدة ترغب في الحديث عنها؟
ـ “أنجزتُ في الفترة الماضية خمسون لوحة بحجوم صغيرة رسمتُ فيها نساء في لحظات خاصة ومحاطات بمناخات من الطبيعة الموجودة في الشمال الهولندي بكل تنوعاتها وألوانها، والطبيعة هنا تعلب دوراً أساسياً كما هي الشخصيات المرسومة، وسأعرض المجموعة في معرض شخصي. وبالنسبة للكتابة، فإضافة الى العمود الذي أكتبه في جريدة المدى، والعمود الذي أكتبه باللغة الهولندية في مجلة أتيليه، انتهيت من كتاب باللغة الهولندية أتحدث فيه عن الثقافة والتقاليد والحياة الهولندية، كذلك سيصدر لي في بغداد في الأيام القادمة كتاب (الطريق الى الجمال) الذي تحدثتُ فيه عن أجمل مائة لوحة شاهدتها في متاحف العالم. كذلك كتاب (رجل على كتفه طائر) الذي تناولتُ فيه مشاهداتي الهولندية”.
*كيف ترى مستقبل الفن التشكيلي العراقي، وما هي نصيحتك لجيل الفنانين الشباب؟
ـ “توجد في العراق مواهب بشكل لافت وكبير، لكن هل يكفي هذا لصنع مستقبل مهم للفن التشكيلي؟ المواهب وحدها لا تكفي لأنها موجودة في كل مدينة وقرية في العالم. والمهم كيف تتطور هذه المواهب وتمضي للأمام. فعلينا أن نسقيها مثل الزهور، أن نضعها في المكان المناسب لتنمو ولا تموت. الموهبة مثل قطعة القماش التي يمكننا أن نـُخيط منها أشكالاً مختلفة من الملابس، فمنهم من يجعلها فستاناً للزفاف، فيما يصنع منها الآخر كفناً. وبالنسبة لشباب الفنانين، فالعمل والمحاولات التي لا يجب أن تتوقف هو ما يحتاجه الفنان، على الفنان الشاب أن يصنع أشكاله الخاصة وعوالمه الفردية، والسعي لإنجاز لوحة أخاذة تجذب المشاهد وتُدخِله في عالمها”.
*إذا كنتَ تفكر في توثيق أعمالك الفنية والكتابية في كتاب أو معرل الذي تُخض، فما الشك الذي تخطط له؟
ـ “بالنسبة للرسم فقد صدرت خمسة كتب عن لوحاتي، لكن لدي رغبة كبيرة بأن أختصر الكثير من تجاربي في الرسم بإنجاز جدارية كبيرة من الموزائيك، تُوضع في أحد شوارع بغداد أو أية مدينة عربية. وبالنسبة للكتابة فمتعتي الحقيقية هي أثناء عملية الكتابة ذاتها، ولا يهم ان كانت مقالاً أو إشراقة صغيرة، أو كتاباً مليئاً بالنصوص القصيرة، حيث يمكنك أن تفتحه من أية صفحة وتقرأ. أنا حقاً أحب النصوص القصيرة المقتضبة والبسيطة التي تمضي نحو هدفها دون حذلقة أو تزويق”.