شجرة الكريسماس بين الاصل والمعنى..

شارك مع أصدقائك

Loading

سوزان البربري

 

كان ومازال الإعتقاد البشري انه يميل الى جلب الفرح والسعادة والروح الطيبة بالخضرة الدائمة التى قد لا يتسنى وجودها فى فصول الشتاء إلا فى أشجار معينة دائمة الخضرة كرمز أتخذهُ العالم القديم القبلي قبل المدنية والتحضر والديانات اليهودية والمسيحية دلالة على الحياة النامية التي تطرد الأشباح والسحر الأسود والأرواح الشريرة حيث تسكن فى كل ماهو ميت ومجهور بسبب الأجواء الباردة التى كانت تعيش فيها اوربا فى القرون الأولى ، إلا أن مشاهدة الاشجار المخروطية من الصنوبر أو التنوب أو السرو التى كانت تظل دائمة الخضرة وسط ركام الثلج المتساقط وحالة السكون والظلام البارد الدامس الذي كان يعم الأرجاء الاوربية . فكانت بمثابة الحياة لبعض القبائل البدائية الألمانية التى اتخذتها كتعويذة لطرد الأرواح الشريرة وجلب الخير والشعور بإستمرار الحياة . إلا أن برديات المصريين القدماء قد سبقوا القبائل الألمانية فى رمزية الخضرة والنماء في المعنى فكانوا يرون في الإنقلاب الشمسي بداية تعافي الإله رع من مرضه ، فكانوا ينصبون نخيلاً أخضراً في بيوتهم رمزاً لانتصار الحياة على الموت . الخضرة التى هى معنى الحياة والنماء عند الشعوب القديمة لم تتغير حين اتت المسيحية وانتشرت بعد مئات الأعوام استحسنوا هذا التقليد من قبائلهم البدائية كنموذج أحتفالي له معنى لإستمرار الحياة وولادتها من الموت وانتقل هذا التقليد إلى بريطانيا في عهد الملك جورج الثالث في الوقت الذي ولد فيه الأمير ألبرت زوج الملكة فيكتوريا كرمز للفرح والاحتفال ثم الى امريكا عن طريق الألمان المهاجرين ثم الى لندن مرة اخرى من النرويج كهدية إمتنان للمساعدة فى الحرب العالمية الثانية . لكنها لم تدلل على المسيحية قط ولا على دين بعينهِ . بقدر مادللت على البهجة والشكر والحياة فأتخذتها الدول الاوربية والامريكيه رمزاً للتجديد والنماء والسعادة والحياة التى لا تموت حتى باتت تتسم وكأنها من صلب العقيدة المسيحية وهى على عكس هذا بل هى من صلب النظرة الإنسانية للحياة فإنتشرت بين مسيحي العالم فى بيوتهم كتقليداً إحتفالياً رمزياً دلل على الميلاد وأصطبغت شجرة الميلاد بالمسيحية . الا أن العالم الإسلامي واليهودي والوثني خلال نهايات القرن العشرين إتخذها بعد ذلك للدلالة على العام الجديد بروح تملأها الخضرة والنماء وانتصار الحياة واستمرارها فى ظل قسوة الأجواء وتحركت عدوى النماء والخصوبة النضرة الى سائر الأمم بل أصبحوا يتباهون بأجمل شجرة ميلاد فتحولت من ميلاد الحياة ثم الى ميلاد الملوك والقياصرة ثم الى ميلاد المسيح ثم الى ميلاد العام الجديد حتى أصبحت شجرة الكريسماس بخضرتها الدائمة وحياتها الدائمة تقليداً عالمياً سنوياً يدلل على انتصار الروح الناميه والطارده لكل موت. رمزاً للفرحة والبهجة والسعادة يستقبل فيها الجميع عاماً جديداً يحمل مصابيح الأمل نحو ضياءا جديدا واشراقة جديدة يأملها الناس لأيام قادمة . تلك الشجرة المعمرة دائمة الخضره التى استطاعت أن تنتصر بالحياة وتخلد نفسها فتجاوزت الديانات والقارات من الوثنيه الأولى ثم لشعوب تعتنق المسيحية والإسلام واليهودية والبوذية والشيوعية حتى انها لم تفرق بين العالم الأول أو الثانى أو الثالث . فجمعت العالم الإنساني فى اغصانها الخضراء متجاوزه الدلالات الدينية التى التصقت بها جزافاً وروج لها اعداء الحياة والنماء ومن لم يعي حقيقة تاريخها العتيق لتدلل على المعنى الحقيقي لاستمرار الحياة وأن الحياة تنتصر والأمل والسلام ينتصران مهما اختلف العالم ومهما كانت دياناته وعقائدهِ فأنهم يجتمعون على كل ما يحمل صورة النماء والحياة فى أوراق دائمة الخضرة لاتموت بل تصمد وتتعافى فى وجه الظلام و البرد القارص والسكون والسحر والمرض .

 

شارك مع أصدقائك