إشارة- المثقف الكبير.. برهان المفتي

شارك مع أصدقائك

Loading

………….

رغم عدم وجود اتفاق على تعريف (المثقف) في اللغة العربية إلا أنّ استخدام هذه الكلمة أصبح وجاهياً و (كشخة) في الحوار والكتابة والنقاش لدى الكتّاب والإعلاميين العرب.
وهذه الكلمة لا مرافق لها – بحسب علمي- في اللغة الانگليزية، وقد تكون كلمة (المثقف) ترجمة غير جيدة لكلمة (educated) أو (cultured) والتي لا تستخدم في الإعلام الأجنبي عند تقديم أي ضيف أو كاتب أو أي صفة أخرى، فلا نسمع أو نشاهد برنامجاً أجنبياً باللغة الأنگليزية يقدم فيه المذيع/ة ضيفه هكذا:
Good evening well educated sir
أو
Good morning esteem cultured writer
أو في حالة صفة ( الكبير):
Welcome, today we host the big cultured writer
إذن من أين جاءت صفة ( المثقف الكبير) التي تستخدم بكثرة وتنتشر بشكل فيروسي في الصحافة والإعلام العربي؟
لا جواب سوى حب الإعلام العربي للفئوية والتصنيف، ثم أن صفة ( الكبير) صفة هندسية تعتمد على الطول والعرض في حالة المساحة ونضيف عليها الارتفاع في حالة الحجم، بمعنى أن القول الأصح أن يكون التعريف في هذه البرامج بالقول:
نرحب بالكاتب المربع الكبير….. ( هذه في حالة أن الكاتب يشغل مكانه في الطول والعرض والمساحة هي حاصل ضرب الطول بالعرض)!
أو؛
معنا اليوم المثقف المكعب الأستاذ…. ( في حالة أن الضيف يشغل حجماً كبيراً في مجاله لدرجة لا تكفيه غرفة ويفضل أن يكون الحوار في مكان لا سقف له لكي يأخذ حجمه راحته في الأبعاد الثلاثة طولاً وعرضاً وارتفاعاً).
ثم ما هي معايير ( الكبير) للمثقف في الإعلام العربي؟ متى نعرف أن أبعادنا ( الثقافية) في الطول والعرض والارتفاع قد دخلت ضمن تصنيف ( الكبير)؟
ما هذه العقدة التي تتشابك وتتعقد أكثر في الإعلام والصحافة العربية؟ ولماذا السكوت وعدم الإشارة إلى هذا الخلل في لغة الإعلام العربي؟
إنْ أراد الإعلام العربي أنْ يكون بمستوى الإعلام الأجنبي فعليه تنظيف اللغة الإعلامية من هذه الصفات المعيبة، مثل ( المفكر الكبير ) و ( المثقف الكبير ) و ( الكاتب الكبير )، فهناك آلاف من الذين لهم تأثير مباشر في مجتمعاتهم الأجنبية ولا يسبقون أنفسهم بصفة ( الكبير ) ولا يشترطون ذلك على أي برنامج أو حوار في حالة كونهم ضيوفاً على تلك البرامج.
مثل هذه التصنيفات الفئوية تجعل الإعلام العربي إعلاماً فئوياً موجهاً لفئة ( تهتم بالحجم) وليس بالنوع ولا الفكر حين مشاهدة البرامج الحوارية أو المتابعة، وهذه هي جذر المشكلة في المجتمع العربي بشكل عام، البحث والاهتمام بالحجم وليس النوعية، وهي مشكلة منذ الصغر حين يفضل الطفل القطعة الكبيرة من أي شيء على النوع، ثم في مرحلة المراهقة، فالشباب والشابات ( الذين يهتمون بكبر بعض الأجزاء دون نوعية الأداء) ثم بعد ذلك تعرفون الآتي واللاحق والنتيجة.
………….
شارك مع أصدقائك