العلم والأدب…د..عهدى السيسى

شارك مع أصدقائك

Loading

العلم والأدب

د..عهدى السيسى
أستاذ اللغة العربية والنقد بكلية اداب جامعة طنطا..مصر

فرق الدارسون حديثًا بين الأدب والعلم، ورسموا لكلٍّ حدوده، ووضعوا لكلٍّ قواعده، فلا يشك أحد في أنَّ قوانين الهندسة، والحساب، والكيمياء علم، وإن الشعر والمقامات والقصص والروايات أدب.
والحدّ الذي يفصل ما بين الأدب والعلم يكمن في أن الأدب يخاطب العاطفة، وأن العلم يخاطب العقل، فإذا قلتَ مثلًا: إن للمثلث ثلاث زوايا، وثلاثة أضلاع فإنك تخاطب العقل، ولا تمس العاطفة، وإذا قال شرف الدين الأنصاريّ (ت 662 هـ):
يا مَنْ خُلِقوا على اقتِرَاحي
ما أطيبَ فيكُمُ افتِضَاحي

إنْ كانَ هواكُمُ فسَادِي
فالعارُ عليَّ في صَلاحِي

فهو يمسُّ العاطفة بالدرجة الأولى، ومن ثم كان القول الأول علمًا، وقول الشرف الأنصاري أدبًا
وارتباط العاطفة بالأدب يمنحه الخلود، فالنتاج الأدبيّ خالد أبديّ فالمعلقات، والمفضليَّات، والأصمعيّات، وجمهرة أشعار العرب، ومقامات بديع الزمان، ومقامات الحريريّ كلها خالدة ، وإن كانت حقائق العلوم خالدة فإنَّ منتجات العلوم غير خالدة فالكتب العلمية لا تُقرأ إلا بقدر الحاجة إليها في التأريخ للعلوم.
وثمة نتاج يصعب الفصل فيه أهو علميّ أم أدبيّ، كالنثر العلميّ، وقصص الخيال العلميّ فهي ليست أدبًا خالصًا ولا علمًا خالصًا، وإنما هي علم أدبيّ، أو أدب علميّ، هي أدبٌ بمقدار ما تثير من عاطفة، وهي علم بمقدار ما فيها من حقائق.
ويحسن التزاوج بين الأدب والعلم، بين الروح والجسد. فالعلم هو الجسد، والأدب هو الروح فكما تُجمل الروح الجسد، يجمِّل الأدب العلم، والتزاوج بين العلم والأدب وإظهاره في مجالات الحياة كافة هو أفصل وسيلة لتشكيل الوجدان في الفرد والمجتمع.

شارك مع أصدقائك