فوز حمزة
إذا أراد الله اختبار إنسان .. فليسلط فوق رأسه امرأة! نطق كلماته هذه وهو يتفرس في وجوه النساء الموجدات في الصالة .. أيدته عجوز تجلس قرب الباب إلى جانبها فتاة كانت تتحدث في الهاتف
أبدى انزعاجه وأخرج سيجارة .. لكن تذكر أن التدخين ممنوع فأعاد العلبة في جيبه. نظر إلى الشابة بعينين يملؤهما الجوع والعطش. أراد لفت انتباهها إليه فرمى بقوة على الطاولة أوراقًا كان يحملها واستأنف حديثه: كم مرة قلت لها يا امرأة .. أنا لست مريضًا لا أشكو من شيء .. لكنها ابنة ال… تريد أن ترثني هي وأبناؤها و… سمع صوت الممرضة تحدثه: – تفضل ..
الطبيب بانتظارك. وضع الأوراق أمام الطبيب الذي كان يتحدث في الهاتف وبدأ يتأمل في الغرفة .. أثارته صورة شكل مجسم للجهاز الهضمي للإنسان قبل أن يسأله الطبيب وابتسامه تعلو ملامحه الهادئة:
– كيف حالك؟ – أنا بخير .. زوجتي أجبرتني على عمل التحاليل بحجة الاطمئنان عليّ .. لكني أفهمها جيدًا! قال الطبيب بتأثر: – – هذه المرة عليك أن تشكرها. أنت فعلًا مريض ..
لكن من حسنِ حظكَ أن المرض في بدايته – نستأصل الورم ثم بعدها نبدأ العلاج بالكيمياوي. لا تقلق ..كل شيء سيكون على مايرام. لم ينطق كلمة واحدة..
ظل ينظر إلى الطبيب الذي استأنف: – أعلم صعوبة الأمر عليك .. لا تخف كل شيء مسيطر عليه. – ما هو مرضي؟! – سرطان في القولون .. لكنه مبكر. كما قلت لك.. لا تخف!
أشار إليه الطبيب نحو الباب لينهي الزيارة.. لم يكن يريد الخروج .. لكن انشغال الطبيب عنه اضطره إلى مغادرة الغرفة. عند مدخل البناية توقف برهة ..
لمح مقهًا صغيرًا يقع عند الزاوية. قطع الشارع ليجلس على أقرب طاولة، شارد الذهن. ماذا تريد أن تشرب أستاذ؟
صوت النادل قطع عليه سرحانه. لم يكن يريد أن يشرب شيئًا، طلب شايًا. دفع ثمن الشاي دون أن يشربه .. وهو يشعل السيجارة الخامسة ..
ردد مع نفسه: – نعم كما قال الطبيب .. المرض في بدايته، لا مبرر للقلق .. سأنجو والفضل يرجع لزوجتي الحبيبة .. إنها نعمة من السماء، آه ! ما أحقرني؟! .. بل ما أخسني؟!
.. كيف فعلت بها ما فعلت؟! أين كان عقلي؟! بل أين ضميري؟! أنا لا استحقها .. تحملتني كل هذه السنين ولم تتذمّر أو تشتكِ. تعلم أنني أخونها، مع ذلك بقيت صابرة..
كنت بخيلًا معها كريمًا مع عشيقاتي. سامحيني حبيبتي… سأجمع كل كلمات الاعتذار وأقدمها لها .. لن يكفي ذلك .. لكني أعرفها جيدًا .. قلبها طيب .. سأعوضها عن كل شيء ..
سأبذل قصارى جهدي لأكون لها الزوج الذي تتمنى .. سا… رن هاتفه الجوال .. – آلو .. نعم حبيبتي .. – ……
– آسف أيها الطبيب، ظننتك زوجتي! – …… – ماذا تقول! أنا معافى ! حصل خطأ؟! – …. – بل أنا الذي يشكرك! الفرحة جعلته يدور حول نفسه .. أراد الصراخ بأعلى صوته لولا تذكره لزوجته .. ابنة ال …. أنتِ سبب كل ما عانيته في حياتي و ما أعانيه .. يا وجه الشؤم .. فقط انتظري عودتي وسترين ماذا فاعل أنا بكِ •