جدل التسمية بين العامّي والشعبي

شارك مع أصدقائك

Loading

ريسان الخزعلي

حين تختلف وجهات النظر حول تسمية الشعر الذي يُكتب باللهجة أو اللهجات – إذ يطلق البعض عليه تسمية الشعر العامّي والبعض الآخر يطلق تسمية الشعر الشعبي – لابدَّ من مراجعة الجذر اللغوي للمفردتين : عامّي و شعبي ، وكذلك مراجعة ماجاء في تعريفات المناهج الأدبية ، كي نتمكن من تجاوز الارتجال في القول وصولاً إلى التوصيف الأدق .

أولاً :
إن َّ التوصيف ( شعبي ) في التعريفات القاموسية المعتمدة يحتمل المعاني : المنسوب إلى الشعب ، ماهو صادر من الشعب أو مُعبّر عن رأيه ، صفة تُطلق على ماهوَ منتشر بين الشعب أو خاص به ِ ، أوما هو مألوف عنده أو ما يحبّه أو يرضى عنه ، أو صفة لما هو رائج عند عموم الشعب أو ما يُلاقي منهُ القبول ، أو ما هوَ خاص بالفولكلور والعادات الشعبية ، ما هو َ محبوب من الشعب ، متعلّق بالشعب ، الكتابة باللغة أو اللهجة المنتشرة بين الشعب .
ثانيا ً :
في الآداب : يوصف ( الشعبي) بأنه ُ مذهب أدبي يُحاول أتباعه ُ في أدبهم أن يًصوّروا بواقعية حياة عموم الشعب .
ثالثاً :
العامّة ، في المعنى اللغوي ، هي الأغلبية غير المتعلّمة ، من هنا ، من غير الممكن أن نقول عن الشعرالمكتوب باللهجة والذي يكتبه الآن متعلمون ومثقفون ، وأصحاب تحصيل أكاديمي ، علمي وأدبي ، وكذلك يتلقاه شعب تجاوز الأميّة ، بأنه ُ شعر عامّي ! . وحتى في البلدان العربية يطلقون توصيف / شعر باللغة المحكية أو اللغة الدارجة / .. ، ومثل هذا التوصيف يكون أكثر قبولا ً . لقد تمدّين الريف كثيراً بعد أن زحفت إليه المدينة أو زحف هو الآخر إلى المدينة ، وانقرضت المفردات العاميّة الموغلة بالقِدَم ، وتفصّحت الكثير من المفردات أيضا ً . وأصبحت اللهجة واضحة لإبن المدينة ، إذن من غير المناسب معرفياً وحضارياً أن نُسمي الشعر المكتوب باللهجة شعراً عاميّا ً .
رابعاً :
تُشير الكثير من الدراسات ، بأن اللهجات كانت في زمن ٍ ما ، هي اللغات المتداولة بين شعوبها ، و كتذكير ، ما أكثر المفردات المتداولة في لهجتنا العراقية ، وهي مفردات من لغات سومرية وأكدية وبابلية وآشورية وآرامية .. وغيرها .
إن َّ اللهجة ( الجديدة ) مشتبكة الآن بأعصاب وأحاسيس الشعب بكل طبقاته الاجتماعية ، في حديث الشارع والسوق والمقهى والبيت ، في الغناء والمسرح والسينما .. إلخ وتكاد تكون هي اللغة الشفاهية ، لغة تداول الشعب اليومية ، بعيداً عن محددات الصرف والنحو . فلماذا حين يُكتب الشعر بهذه اللهجة لا نقول عنه بأنه شعر شعبي ، بعد أن أصبحت اللهجة شعبية التداول ..؟ وأُضيف ، استدلالا ًبما تقدّم ، هل يصح أن نقول التراث العامّي ، أم التراث الشعبي ..؟ . وهل يصح أن نقول : المثل العامّي ، الحكاية العاميّة ، الرقص العامّي ، الحيّ العامّي ، الأغاني العامّية ، الموسيقى العاميّة بدلاً عن المثل الشعبي ، الحكاية الشعبية ، الرقص الشعبي ، الحيّ الشعبي ، الأغاني الشعبية ، الموسيقى الشعبية ..؟؟
إن َّ هذه المراجعة على عُجالتها ، قد أشارت ، وقد أوضحت ، وقد تحتاج إلى الكثير من الاستطراد …
*- نشر في جريدة طريق الشعب
شارك مع أصدقائك