فؤاد هُويرف.. روح الأناقة

شارك مع أصدقائك

Loading

هاشم تايه

الى روح فؤاد هويرف

إلى يوم رحيله بمغتربه في التاسع عشر من نيسان العام 2022، عاش فؤاد هويرف بهوى الرّسم، وأسبابه الجارفة، والتقط حياتَهُ حُرّاً كما يلتقطُها طيرٌ. ومثلَ طيرٍ اتّسع فضاؤه عثر فؤاد على نصيبه من الوجود الطبيعي، لكن في حقل ألغام الفعل الإنسانيّ، وعوارض الجسد الطارئة. وإلى آخر لحظة في حياته حافظ فؤاد على أُرومته الطبيعيّة ككائن نزل من رفّ الطبيعة سعيداً برحابة الروح، ونقاء الطُّويّة.
يمكننا، بلا مجازفة، إعادة رسم حياته كسيرةٍ للصّداقة المرِحة مع العالم، والأشياء، وتمثيلاتهما الفاتنة على السّطوح التصويريّة، وأسلوبه في التعامل مع مادتها، وطبيعة تسوياته، ومعالجاته لما ينطبع من آثار فعل الرسم على تلك السطوح… كان فؤاد صديقاً – هذه خلاصة حياته- وكاريزماه تجعلك تنشدّ إليه سريعاً، وتصادقه فوراً، وتجد في أعماله ما يجلب إليك سكينةً، وينزع عنك ألماً.
في الرّسم، أيضاً، قدّم فؤاد حياته كصديق؛ فقد فضّل أن يكون بيننا، نحن، شلّة (الرسّامين الأميّين)، الهائمين في الهامش بحياء، وبلا اعتراف.
كان مفهومه للجمال- وهو، قطعاً، مفهومٌ فطريّ كامن اعتزل الكلام لديه- بأنّه الأناقة صريحةً، وساطعة، ومجرّدة من أيّ موضوع يتطفّل عليها. ذلك ما نُطالعه في رسومه الأخيرة التي أنجزها في مغتربه بسامسون تركيا. كانت أناقته خَصْمَ الصدفيّة التي زحفت على بشرته، واحتلتها كلّها من أخمص القدمين وحتى مرآة الوجه…
الشكل الوشميّ، البشع الذي تبرّعت به الصدفيّة وجد معارضَهُ، بل نقيضَه الأنيق في مظهر فؤاد، وعلى سطوح رسومه.. وإلى نزعته الأنيقة بوسعنا أن نضيف حسَّه الديكوريّ الذي تمتّع به على مدى حياته، واستعرض أثرَه في قطع من أثاث مسكنه، وحتى في رسومه.
شارك مع أصدقائك