حوار مع الشاعر بدوي الحاج

شارك مع أصدقائك

Loading

الشاعر بدوي الحاج –  إلى مجلّة “ ألف ياء

حاوره  : وديع شامخ 

الشاعر بدوي الحاج

*- فوزي بقلادة  الجواهريّ عن قصيدة النثر  وسامٌ ذهبيّ

أتشرف بتقلّده وسوف أحتفظ به مدى الحياة

*- كتبتُ الشّعر وأنا في سنّ الرابعة عشرة

*-ليس هناك  ولادةٌ قيصريّة للشعر ،  لندعهُ  يأخذْ مداه في النّضج والتخمّرِ داخلَ روحِ وعقلِ الشّاعرِ

*-الشّعرُ عندي هو  الصفاءُ الذهنيّ والاستعداد الروحيّ، والتّفاعلُ والانتقالُ العفويّ  بين الشاعرِ ونصه

*- مسيرةُ الشّاعر الكتابيّةُ  تمثّل تطوّره الفنيّ واللغويّ والرؤيويّ ، وتجربتي العمليّة شاهدةٌ على ما أقولُ

*- في أستراليا شعراءٌ مميّزون ومرموقون من لبنانَ والعراق وسوريا ،وهناك شعراءٌ أقلّ موهبةً كما هو الحالُ في كلّ حقلٍ إبداعيّ.

*- لديّ شغفٌ في تجربة أنماطٍ جديدةٍ في الكتابة الشعريّة الحديثةِ ، ومنها الهايكو.

*- الموهبةُ لا تكفي لنموّ وتطوّر التجربةِ الشعريّة.

*-الشاعرَ الحقيقيّ  هو الذي يتقّبل النقدَ والتقويَم الإيجابيّ ، كي يستطيعَ  تطويَر تجربته.

*- ” أنا لم أكن أنا  ” مجموعة ستصدر قريبا

……………………

 

 

من شمالِ  بلادِ الأرزِ، والشّعر والجمالِ ، ومن بلدة أرده، قضاءِ زغرتا ، لبنان الشمالي، هناك أشرقَ بدوي الحاج  في  بيئةٍ علميّة وثقافيّة ، أتاحت له الاشتغالَ المبكّرَ في حقل الشعرِ والصّحافة والفكرِ ، أنهى تعليمَه الثانويّ في مدرسة الآباءِ الكرمليّين ، ودخلَ كليّة الهندسةِ في الجامعة اللبنانيّة ،  ولكنّه هاجرَ إلى أستراليا سنة ١٩٩٠ وهو في التاسعة عشرة من عمره، حيث أكمَلَ تعليمه الجامعي،

مُجازٌ في الهندسة المدنيّة والمعماريّة من جامعات سيدني في أستراليا. له 4 دواوينَ في الشِّعر الحديثِ

“… ولَوْ بعدَ حين” إصدار خاص .

“قاماتٌ في فَراغٍ أبيَض” عن دار نلسن/بيروت .

“لاهِثاً يَبتَلعُ الهَواء” عن دار المؤلف/بيروت .

“مائلٌ إلى عَطَش” عن دار المؤلف/بيروت .

ولَهُ ديوانٌ جديد قَيْد الطّبع بعنوان ” أنا لَمْ أَكُنْ أنا ” شِعر وَنُصوص .

مُقيمٌ في سيدني ويَعمَل في الهندسة والمُقاولاتِ والبِناء .

حائزٌ على عدّة جوائزَ في الأدب والشِّعر، آخرها قِلادةُ الجواهريّ عن القصيدة النثرية لِعام ٢٠٢٣ .

وبمناسبة فوزِه المستحقّ بقلادة الجواهريّ عن قصيدة  النّثرِ في دورة مهرجانِ الجواهريّ العاشرِ ، دورةِ الشاعرِ الرائدِ عبد الوهاب البيّاتيّ ، مؤخّراً في سيدني، فكان لمجلة ”  ألف ياء ” هذا الحوارُ مع المبدعِ بدوي الحاج ..

 

*- ما الذي يعنيهِ لك الفوزُ بقلادة الجواهريّ  الشعريّة 2023 عن قصيدة النثرِ في مسابقة المهرجانِ الخامسةِ لهذا العامِ ؟

 

إن مهرجانَ الجواهريّ الشّعريّ يمثّلُ قيمةً معنويّةً وثقافيّة، ومكانةً كبيرةً ليس في وسط الجاليةِ العراقيّةِ واللبنانيّة فحسب، بل في كلّ الجالياتِ العربيّة ، والنّاطقينَ باللغةِ العربيّة عموماً في كافة أنحاء أستراليا وخارجِها، وبمشاركةِ خيرةِ الشّعراءِ والشّاعرات من العراقيين والعربِ من داخل أستراليا ومختلف أصقاع العالم ، وهذا ما يزيدُ من  أهمية المشاركةِ في المهرجان أصلاً ، والذي دُعيتُ للمشاركة به  أولاً ، ولكنّي حين عرفْتُ بشفافيّة المسابقةِ قرّرتُ الاشتراكَ بنصٍّ نثريّ ، وقد وُفّقتُ في الفوز بقلادة الجواهريّ عن  قصيدةِ النثرِ، فيما فازَت الشاعرةُ العراقيّة كنار عصام بذات القلادةِ من خارج أستراليا ، وفاز عن قصيدة التفعيلةِ الشّاعر الجزائريُّ مصعب بن عمار  وعن العمودي الشاعرُ الأردنيّ محمد حامد العموش ، وهذا يدلّ على قوّة المنافسةِ  فنيّاً واتساعَ رقعتِها جغرافيّا ، اذا ما عرفْنا أنّ عددَ المشاركين كان أكثر من 100 نصّ كما علمْنا من بيان لجنةِ الحكم في يوم توزيعِ الجوائزِ . ومن الجدير ذكرُه أننا لم نكنْ نعرفُ لجنةَ المسابقةِ ، وقد تمّ الأمرُ بسريّة  تامّة ، حيث  لم أعرف بفوزي إلا حين  إعلان النتائجِ ، وأنا في قاعة المهرجان .

أخيراً أقول: إن القلادة  وسامٌ كبيرٌ أتشرّف بتقلّده وسوف أحتفظُ به مدى الحياة ، وهذه هي المرّة الأولى التي أشترك فيها في مسابقة لأهميّتها ومكانتها .. وأشكر الصالونَ الثقافيّ في منتدى الجامعيّين وكلّ من ساهمَ في المهرجان تنظيماً واشتراكاً .

*-هل من إضاءة حول  بدويّ الشاعر ، وماهي طقوسُك في ولادة النصّ الشعريّ ؟

 

وُلدتُ في بيئة علميّة وثقافيّة معاً ، فوالدتي مُدَرِّسة وشجّعتني  على القراءة والاهتمامِ بالجانب الثقافيّ في نمو شخصيّتي ، رغمَ ميولي العلميّة ، إذ كنت متفوّقا جداً في الدروس العلميّة ، ولكنّي كنتُ أحصلُ على أعلى الدّرجاتِ في اللغةِ العربيّة ، وقد كتبتُ الشّعر وأنا في سنّ الرابعة عشرة . كذلك كان لِخالي الصحافي أسعد الخوري في احتضاني وتشجيعي الدائم على القراءة والكتابة بشكلٍ مستمر .

انتقلتُ للعَيْش في سيدني وأنا في سنّ التاسعة عشرة وأكملتُ دراستي العلميّة وتخرجتُ من جامعات سيدني مهندساً  مدنيّاً ، ولكنّ  شغفي الإبداعيّ لم يخبُ ، فكان خالي جوزيف خوري صاحبَ جريدةِ البيرق ، ولاحقاً ” المستقبل ” الحاضنةَ الثانيةَ ، وانخرطتُ في أسرة تحريرِ الجريدةِ ومارستُ العملَ رغمَ صغرِ سني، وكانت تجربةً اغنتْ ثقافَتي ونظرتي للعالمِ وتطوّر أدواتي الأدبية ونضجِ رؤياي ، حتى أضحَيْتُ أنشُر في صحف لبنانَ أيضاً .

أمّا الطقسُ فليس هناك  ولادة قيصريّة للشعر ، الشعرُ يأخذُ مداهُ في النضج والتَّخَمُّر داخلَ روحِ وعقل الشّاعرِ ، فأنا أكتبُ الشّعرَ لأتفاعلَ مع الآخر ، وأعتقدُ أنّ الرّوحَ الحزينةَ قادرةٌ على العطاءِ أكثرَ من الروح الفرحةِ ، فالشّعرُ يولدُ في فكرِك وحيداً أو متفردا بذاتك بلا توترٍ ولا انزعاج، ولعلّ أكثرَ  الموضوعاتِ المثيرةِ للشّعر عندي هي ” الحزنُ ،  أحداثُ الوطنِ المؤلمةُ ، قضايا الإنسانِ والمجتمعِ والمرأةِ..كما أعتبرُ أنّ القراءةَ هي الطقسُ الثابتُ الذي يسبقُ عمليّةَ الكتابةِ ، وكما قالَ الأديبُ سعيد تقي الدين : “كي تكتبَ عليكَ أن تقرأَ “..

*- ما هو تعريفُ  الشّعرِ عندكَ ، ومن الشعراءُ الذين تأثّرتَ بهم في تجربتك الشّعريّةِ  ؟

 

الشّعرُ عندي هو  الصفاءُ الذهنيّ والاستعدادُ الرّوحيّ، والتفاعلُ والانتقالُ العفويّ  بين الشاعرِ ونصّه .ولكلّ شاعرٍ نظرتُه وتعريفُه للشّاعرِ إذ لايوجدُ تعريفٌ جامعٌ ومطلقٌ للشّعر ،  لأنّه ببساطة حقل اشتغال روحيّ  فرديّ ولا يخضعُ لقوانين علميّةٍ صارمة .

أما عن تاثّري  بالشّعراء فهو  أمرٌ طبيعيّ لكلّ شاعرٍ، يبدأ  بتلمّس خطواتهِ الأولى  متاثّراً كي يستطيعَ أن يصقلَ تجربتهُ لاحقاً ، وكنتُ قد تأثّرتُ  بكبار شعراءِ الحداثةِ العربيةِ  الأولى مثل  بدر شاكر السياب ، وعبد والوهاب البياتيّ ومظفّر النوّاب  من العراق  ومحمود درويش من فلسطين وشعراء الحداثة الثانية مثل أدونيس وأنسي الحاج وتوفيق صايغ ويوسف الخال ووديع سعادة وغيرهم .

*-  كيف ترى الشعراءَ في المهجر الأسترالي لبنانيّا وعربيّاً ؟

 

في أستراليا شعراءٌ مميّزون ومرموقون من لبنان والعراق وسوريا … وهناك شعراءٌ أقلّ موهبةً كما هو الحال في كل حقل إبداعيّ  شعرياً كان أم أدبيّاً وحتى فكريّا ، لذا تجدُ أنّ   نسبةَ 10-20% مما ينتجُه الشعراءُ في أستراليا  هو متقدّمُ المستوى وباقي النسبةِ يكونُ مقبولاً  ولابأسَ به ، إذا ما أخذنا بالاعتبارِ أنّ هؤلاء الشعراءَ والشاعراتِ يعيشون في مغترب عن لغتهم وثقافتهم ، سيما من الذين لم تكنْ  لهم جذورٌ راسخةٌ في أوطانِهم ،  وأنا اشجّع كلّ من يكتبُ لإحياء اللغةِ العربيةِ والحفاظِ على ديمومتها في حياة الاغترابِ ، وهذا بحدّ ذاته هدفٌ نبيلٌ ، رغم ضعفِ المستوى الفنيّ لبعض الأعمالِ .

*- يرى ناشرُ كتابك الشعريّ” لاهثاً يبتلع الهواء ” أن الغربةَ لا تعني الانشقاق عن النصّ ، وهذا الكتابٍ يعبّر عن تجاربك الحياتيّة الصادقةِ …وهو خلاصةٌ معاناتك التي تمخّضتْ حبّاً وثورةً وحريةً ، باسلوبِ السّهلِ الممتنعِ مع بساطةٍ وعمقٍ ..، كيفَ استطعتَ أن تنتصرَ للشعر دون الوقوعِ  في فخّ الرّثاءِ والنواحِ والبكاءِ على الاطلال ؟

 

تجدُ في شعري بصماتِ البيتِ الأوّل والضيعةِ والأهلِ والوطنِ عموماً ، ولكنّي لا أتواصلُ مع الوطنِ بصيغة البكاءِ على الاطلال أو ” النوستالجيا” المرضيّة ، أنا في علاقة إيجابيّة  مع أصولي الثقافيّةِ والوطنيّة، سيّما وأن ثورةَ الاتصالاتِ الحديثةِ جعلتْ التواصلَ مع الوطنِ أمراً  يومياًّ مألوفاً وكذلك إمكانيّة السفرِ السنويّ والالتقاءَ مباشرةً مع الأهل والرفقاءِ والأمكنة الأولى ، كلّها قد خفّفتْ حدّة هذا الجفاءِ  الذي يوصلنُا إلى حالة العلاقةِ السلبيّة .. وأعتقدُ أنّ كتابتي باللغة العربيّة وتواصلي دليلٌ على تفاعلي مع الوطنِ وجذوري وثقافتي.

 

*- كلّ كتابٍ هو وليدٌ لمنتجهِ ، وهو تجربةٌ خاصّة في سلّم التطوّر الشعريّ المتصاعدِ فنيّاً ولغويّا ورؤيوياّ ، كيف تلخّص لنا حكايتَك مع كتبِك الشعريّة الاربعةِ ؟

 

وهل وجدتَ صوتَك الخاصَّ في غابة الشعرِ  المتشابكةِ الجذورِ؟

 

نعم أتّفقُ معك في أن مسيرةَ الشاعرِ الكتابيّة لابدّ أن  تمثّل تطوّرَه الفنيّ واللغويّ والرؤيويّ ، وتجربتي العمليّة شاهدة ٌعلى ما أقول ، فأنا لديّ أربعُ  مجموعاتٍ شعريةٍ ، وهي كالتالي : الأولى ” ولو بعد حين ”  وقد  كتبته وأنا يافعٌ وبعمر يتراوحُ بين 15-21 سنة،  ورغم أنّه تجربةٌ أولى ولم أتوافر في حينها على النضج  الشعريّ ، لكنّي قرّرت توثيقَ مسيرتي الشعريّة كما هي، وبكل صدقِ وبراءةِ الحروفِ الأولى ، وكان عنوانُها لافتٌ أيضا،  رغم أنّي الآن عندما أقارنُها  بمثيلاتٍ يصدرُها شعراء ٌوشاعراتٌ الآن ، أجدها في موقع مقبولٍ .. ولكنّها خطوتي الأولى ،

المجموعةُ الثانيةُ  وعنوانُها ” قاماتٌ في فراغ أبيض “، كتبتُها في مرحلة العشرينات ، وهي عبارةٌ عن خواطر وقصائدَ نثرٍ قصيرةٍ ، اعتمدتُ في تبويبها على أربعة مواضيع وهي الوطن ، المرأة ، الوجدان والمناجاة، وأعتقد أنّها تجربةٌ أنضجُ من الأولى .

المجموعةُ الثالثةُ وعنوانُها ” لاهثاً يبتلعُ الهواء” والذي اتّبعت فيها نفسَ التقسيمَ الشكليَ للموضوعات الأربعة المرأة ، الروح ، الوطن ونثريات، وكان خطوة ناجحة في مشواريَ الشعريّ ، وفي المجموعة الشعريّةِ الرابعةِ ،  وهي ”  مائلٌ إلى العطش”  2019، تخليتُ عن فكرة تبويبِ الموضوعاتِ في المجموعات السابقةِ ، وكانت مجموعة ناجحة جداً ومختلفةً عن سابقاتها، وقد عمدتُ إلى خلط الأوراقِ وهو كتابي الاكثرُ نضوجاً من حيث الصورِ والفكرِ والخيالِ والرؤيا .

ولديّ مجموعةٌ خامسةٌ  بعنوان ” أنا لَمْ أَكُنْ أنا” شِعر ونُصوص، وهي قيد الطباعة . بعدها سوف أخلدُ للرّاحة والتأمُل والقراءةِ والامتلاءِ، كي أكونَ جاهزاً نوعيّاً لولادةٍ إبداعيّة جديدة .

*-لماذا اخترتَ الشكلَ النثريّ ” قصيدةَ النثر ” كنافذة لبوحك الشعريّ ،  وهل كتبتَ الشعرَ بأنماطهِ العموديّ والتفعليةِ سابقاً،  ، وهل تعتقدُ أنّها أدوارُ استحالةٍ مهمّة  ولازمةٍ للشعراءِ كي يبلغوا الأهليّة لكتابة النصّ النثريّ ؟

 

اختيارُ الشّكلِ الشعريّ عندي ليس اعتباطيّاً ، بل هو خيارٌ ونضجٌ ، فأنا بدأت بكتابة قصيدةِ التفعيلة ونمط السجعِ  لسهولة وصولهِ للمتلقّي ، وعندما أردتُ أن يكونَ النصّ الذي أكتبه مثلَ انسيابِ النهرِ وبلا ضجر ، فقد وجدتُ نفسي في  النصّ النثريّ الحديثِ ، لتوافره على الصورة والخيالِ والرؤيا وهناك لديّ هدفٌ ورسالةٌ ، كما أن تأثري بشعراءِ الحداثةِ  ومنهم محمد الماغوط ، غيرُ الذي تاثّرتُ بهم وذكرتهم في جواب سابقٍ ، قد جعلًني خارجَ النمطِ الكلاسيكيّ للبوح الشعريّ .

*- هناك أشكالٌ جديدةٌ وأساليبُ مختلفةٌ في الكتابة الشعريّة العربيةِ  الحديثةِ / كالنصّ المفتوحِ ، قصيدة الومضة ، الهايكو ..  الخ ،  هل تجدها إضافاتٍ نوعيّة للمشهد  الشعريّ العربيّ ،،  وهل حاولتَ الكتابةَ بهذه الأساليبِ ؟

 

نعم  لديّ شغفٌ في تجربة أنماطٍ جديدةٍ في الكتابة الشعريّة الحديثةِ ، وهذا ما يُمَيِّز الشاعرِ المتجدّد ، ومنها الهايكو، كتبتهُ ولديّ تجربة فيه ، سوف  أنشرها في كتابي الجديدِ ، وكذلك قصيدة الومضة أيضا ، فإنها صورةٌ شعريّة مميّزة ومكتنزة .

*-  الموهبةُ الشعريّة والثقافةُ والوعي والرؤيا ، أعتبرهما متلازماتٍ وحاضنةً خصبةً لولادة شاعر له بصمةٌ خاصّة .. هل ترى أنها من ضروراتِ الشاعرِ الرائي ؟

 

لاشكّ أنّ الموهبةَ هي الأساسُ  والجذرُ لكلّ شاعرٍ ، ومن غير الموهبةِ يصبحُ النتاجُ الشعريّ مجردَ تلفيقٍ ونمطٍ سطحيّ لا معنى له .. ولكنّ الموهبةً لا تكفي لنموّ وتطورّ التجربةِ الشعريّة ، فلابد من تعضيدها بالقراءة ووعي التجربة الحياتيّة ، والتطلّع إلى الأمام دائماً ، وهو ما يجعلُ الشعراءَ يصطفّون في طبقات ، فهناك شعراءٌ مبدعون وآخرون مقلّدون ومكرّرون ونمطيّون .. كما أن الشاعرَ الحقيقيّ  هو الذي يتقّبل النقدَ والتقويَم الإيجابيّ ، ويكون مستمعاً جيداً  لما يقالُ عن نتاجه ، كي يستطيعَ من تطويَر تجربته وتجنّبِ كلّ الهفواتِ . فالتطوّرُ هو  سمةُ الشاعرَ الواعي .

*- ما هي مشاريعك المستقبليّة إنسانيّاً  وشعرياً ، وهل لديك رغبةٌ في خوض  تجربةٍ إبداعيةٍ غير الشعرِ كالقصّة والرّواية والنقدِ  وغيرها من الآداب والفنونِ التي أصبحَ الشاعرُ  الحديثُ يمارسُها على مستوى لافتٍ ؟

 

المشاريعُ موجودةٌ ، وهي سرّ تجدّدي ونضوجي ، فكما قلتُ إني أعكفُ على إصدارٍ شعريّ خامسٍ سيصدر قريباً ، وكانت لديّ تجاربُ مع القصّة القصيرةِ واشتركتُ في مسابقة خاصّة لهذا النّمط الإبداعيّ وفزتُ بها، ولكنّي لا أجدُ لي ميلاً للاستمرارِ في هذا النوعِ ، ولكنّ شغفي الفكريّ السياسيّ ما زال قائماً ، وربّما سوف أكتب كتاباً عن تجربتي السياسيّة ورؤيتي للوضع السياسيّ اللبنانيّ والعربيّ ، سوف أنقلُ تصوّراتي السياسيّة الفكرية إلى الورق .

أخيرأ أودّ أن أشكر مجلة “ألف ياء”  على هذا الحوارِ الشاملِ وأشدّ  على أيادي إدارة تحريرها بوصفها مجلّة رصينةً ومقروءةً في الوسط الثقافيّ والفنيّ ، وهي مجلةٌ تهتمّ بحقول الثقافةِ والفكرِ والفنّ والاجتماعِ والجمالِ عموماً

شارك مع أصدقائك