نصيرُ الشَّيخ
ــ بحساباتٍ بسيطةٍ وقراءةٍ لاتغُور بعيداً في التنظير وأُفقِ المفهومِ، نَتوقّف عند مآلاتِ النصّ الشعري المُحدَثِ وحضورهِ النوعي باسم (قصيدةِ النثرِ)، وقياسِ مَدياتِ حضورها نصّاً وفهماً، وحضوراً شعرياً بصيغته (الجماهيري). ، وأجرائياً نُعيدُ حساباتِنا التنظيريةَ عن الكثير عمّا كُتِبَ عنها.
ومن طروحات أكّدت حضورها المستقبلي حتى يومنا هذا، فها هيَ (قصيدةُ العمود) الشطرينيّةِ تجتاح مِنصاتِ الشعر في المَحافلِ والمِهرجانات الثقافية، وبقوةٍ صار لها ـشِئنا أمْ أبيناـ القَدحُ المُعَلَّى في تلكَ المِهرجانات.
خُذ مَثلاً لا حصراً مِهرجاناتٍ أُنموذجيةً ك( المِربَد / الجواهري/ الحبوبي / عالمِ الشعر في النجف … ) وغيرها من المحافل الإبداعية، واستمعْ جيّداً وبحساباتٍ ذاتيةٍ لما يُقرأ من (نوعٍ) تجدَ الحضور الطاغي واللّافت للقصيدة العمودية التُّراثية، ويُرافقه في الوقت ذاته تواجدٌ خجولٌ لقصيدةِ النثر الحديثة، بل أنْ هناكَ شعراءَ قد حقّقوا حضوراً لافتاً في كتابة النصّ الحديث وأعني بذلك “قصيدة النثر”، وهم أيضاً مِمن يُجيدونَ كتابةَ النصَّ َّالعمودي، وينشرونَ مجاميعَهم الشعريةَ تحتَ عنوانِ قصيدةِ النثرِ، أو الكتابة المعاصرة، بل ويخوضون في الوقتِ نفسهِ نقاشاتٍ عميقةً عنها ويَطرحونَ أراءهم فيها مدافعينَ عن ما يكتبونَ بِمِساحةِ النثر شعرا،ً
وحين يصل أمرُ الحضورِ أو الصعودِ إلى مِنصةِ الألقاءِ في واحدةٍ من المِهرجانات، نجد أنّ قصيدةَ العمود تحضر بكلّ ثقلها ولغتها وبلاغتها وشكلها الموسيقى الصادم!!
من هُنا يحضر السؤال المُلحُّ بكلِّ أريحيةٍ لدينا ودونَ خجلٍ ..
ــ هل هذا الذي يحدُث هو استعراض لغوي وبلاغي وصوتي من لدن الشاعر تمنحه له مكانيةُ المِنصةِ، ولفاعليةِ جمهورِها الأوسع ؟
ــ هل هيَ رسالةٌ موجّهةٌ لِكَتَبَة ِ ( قصيدةِ النثرِ) أنْ يتعلّموا كتابةَ شِعر (القريضِ) قبل أن يَلجُوا متاهةَ فنيةِ قصيدة النثرِ …؟
ــ هل هو عدمُ الإيمانِ بمنطقة الكتابة ” نثراً” لدى المُجيدِينَ بكتابةِ “الصنفينِ أو الحقلينِ ” الشّعريينِ، ومن ثمّةَ التأكيدِ على فروسيةِ القصيدة العمودية ؟
الطروحاتُ النقدية تقولُ وتأكّدُ أنّ النصَّ الحديث أو الكتابة الجديدة _ وهذا ما أحرص على تنصيصه تحتَ مُسمّى (قصيدة النثر) _ على أنّها (نصُّ المستقبل) المُحمّلُ بفكرة الشعر ورؤيا الأفكار>
تُرى أينَ هي القطيعةُ الإبستمولوجية للشاعر،هل هي مع التقليد تحديداً؟
يُحيلنا هذا التساؤل المعرفي مُؤكِّدَاً الرجوع إلى القصيدة العمودية وتاريخها، كونها قد أقرّت أنّ الشعرَ “ديوانُ العربِ” وسجّلُ مآثرهم الخالدة، ومدونةُ أحداثهم. فَحريٌ بنا مطالبةُ الشاعر بكتابة
القصيدة العمودية ” وبإجادةٍ تامّةٍ لكلّ بحورها الوزنية، ومراعاةً لزحافاتها، واستخدام الأوزان المفضّلة لتأكيد شاعريةِ الشاعرِ… أمامَ الملأ، ومن ثُمّ التحوّل إلى مناطق النصِّ الجديد والكتابةِ فيه تحتَ مُسمّى (قصيدةُ النثرِ).
إذن .. هي دعوةٌ لاِتحاد الإدباء والكُتّاب العراقيينَ إلى ” إعادة النظر بقبول عضوية الشاعر وفحصِ جنسِ كتابتهِ، ومن ثمّ تصديقِ قصيدته المكتملة، يُقابله في الجانب الأخر اختبار عضوي لفنية ( النصِّ الجديد)، وتخليصه من هذياناتهِ وتراكماته الفكرية واللّغْوَيَة وانسياحه ِ غير المُبرّر تحتَ طائلةِ الكتابةِ بصيغة (الرؤيا الشّعرية) .!! ودون فكرة محدّدة
ومن ثم استخدامِ الطريقةِ المدرسية لدى لجان القبول وتأشير ملاحظة : اكتمال أدواته الشعرية واجتيازه اختبارات القصيدة!!
فهل ستختارُ الجهاتُ المعنية بالأدب والشعر جزيرةً ما لنفي هؤلاءِ الشعراء ” مريدوالنص النثري”؟
ويتكرّر السَّبي (الشعري) بعدَ طردِ إفلاطونَ لهم من قبل قرونٍ وقرونٍ ..؟
أتمنى ذلك…..